كتب : آدم الجدي
اشرت فى العمود السابق الى بعض الثورات التى قامت بنظام الإستتفار لمناهضة الإستعمار الإنجليزي والفرنسي والتى تعمد التاريخ السوداني في تجاهلها بالرغم من عظمتها وقوتها .
تجاهلها المؤرخون فقط لان من قام بها ليسو من حدود قبائل اولائك الذين وضعوا مناهج التاريخ السوداني المزور .
قامت الثورة المهدية بزعامة الامام / محمد أحمد المهدي الذي ولد في العام 1843م في جزيرة لبب بعد طوافه على مناطق مختلفة فى السودان طالبآ مساندته فى قتال الانجليز .
كان الطواف بالواضح هو نداء إستتفار ردا على مظالم الحكم المصري تحت الوصاية الإنجليزية في السودان .
استجاب السودانيون للمهدي بقوة مكنته من هزيمة القوات الحكومية والسيطرة على السودان بمساندة الخليفة عبد الله التعايشي وجيشه الذي استجاب لنداء الإستتفار .
ولكن اذا تاملنا التاريخ نجده قد أهتم بادق تفاصيل الأمام المهدي واهمل الخليفة عبد الله التعايشي بن محمد التقي الجهني الشهير بعبد الله تورشين الذى تولى الخلافة فى 22 يونيو 1885م وحتى تاريخ مقتله في معركة أم دبيكرات يوم الجمعة 24 نوفمبر 1899م .
ساند التعايشي المهدي في دعوته وشجعه للخروج وإعلان ثورته ولكنها فى نظر المؤرخين فانه لا شئ سواء تاريخ لا يستحق الكتابة .
وامتدادآ لتلبية نداء الإستتفار كان لقبيلة الفلاتة تاريخ ناصع فى قتال الانحليز كما هو مثبت في الوثائق ، فإن رجالات قبيلة الفلاته هم أول من ناصر وبايع الإمام محمد احمد المهدي عام1881م .
وأول خطاب مبايعة للمهدي كان من الشيخ حسن جمعة يوسف زعيم الفلاتة وشيخهم بدارفور بتاريخ 29 ربيع الثاني 1300هـ الموافق 1880م.
وتثبت الوثائق أيضا إن في موقعة الغار الشهيرة بموقعة الجزيرة أبا في ليلة السابع عشر من رمضان 129هـ الموافق 1881/8/12م فقد استشهد من بين اثني عشر مجاهدا مع الإمام المهدي عدد من رجال الفلاتة وكان حامل السرايا من قبيلة الفلاتة وهو الحاج احمد جمعة .
واذا تاملنا التاريخ نجد ان المؤرخين السودانيين أهتموا فى جانب نضالات المرأة فى اقاصي الشمال وتجاهلوا نضال المرأة فى غرب السودان .
و المرأة الفلاتية نضال لم يخلده تاريخ السودان المزور .
عندما أراد المستعمر الإنجليزي حرق جثامين شهداء ثورة السحيني تشفيآ وانتقامآ وبعدما وضعوا الحطب على الجثامين وتم رشها بالجازولين واوكل امر اشعال النار فيها لجندي سوداني .
وقبل ان يتم اشعال النار فيها تنفيذآ لتوجيهات اللورد .
تقدمت السيدة / حمامة جار النبي ابنة أخ بشارة سيد الدور ناظر الفلاتة وابنة عم الشهيد البطل محمد اندجا الصفوف.
اطلقت زغرودة ثم كررتها وهنا التفت اللورد ناحيتها وامر جنوده باحضارها لكنها رفضت الانصياع .
سحب اللورد مسدسة وصوبه نحوها لكنها كانت ثابته تزداد قوه وتكرر الزغرودة .
نزلت ثوبها من كتفها وقالت لللورد اضرب اضرب فى قلبي ومع تلك العبارات كانت تتراجع الخلق من وسط الجموع فتبعها اللورد وجنوده وهنا استطاع الأهالي سحب الجثامين وتم اخفائها وبعد تم دفنها جوار حديقة الشهيد ومسرح نيالا حتى اصبحت مزار لطالبي ( البركة) .
رغم هذه التضحيات غفل التاريخ السوداني عن ذكر المناضلة حمامة الفلاتية واشار فى مساحة صغيرة على قبيلة الفلاتة.
وايضآ تجاوز التاريخ دور قبيلة الهبانية تحديداً في استقلال السودان رغم إن قبيلة الهبانية لعبت دوراً كبيراً في تاريخ السودان، بدءاً من الثورة المهدية وحتى سقوطها .
قبيلة الهبانية لعبت دوراً هاماً في تاريخ السودان من خلال تركيزها على الوعي المجتمعي، والسلام، والقانون. وقد كانت عاملاً مهماً في التطورات السياسية في السودان خاصة في المناطق الريفية .
كما لم يذكر التاريخ نضال قبيلة البرتي العريقة فى شمال دارفور رغم استجابة ابناءها لنداء استنفار المهدي ومشاركتهم في محاربة الانجليز مع المهدية ومع السلطان على دينار الذي نجد ان التاريخ السوداني قد ظلمه كثيرآ ولم يفرد له الحيز الكافي للتعريف به كانسان وطني وخادم للناس والإسلام والعلم .
ولم يكن عطاء قبيلة البني هلبا الان فقط بل امتد فى مناهضة الإستعمار ويكفي ان ابنها عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة قام بتقديم مقترح الاستقلال فى 1955/12/19م من داخل البرلمان وثناه السيد مشاور جمعة سهل .
نداء الإستتفار الذي اطلقه رؤساء الحكومات المدنية بولايات كردفان ودارفور ماهو الا امتداد لذلك الإستتفار التاريخي الذي ساهم فى طرد المستعمر الإنجليزي والحكم المصري وافشل محاولات الجيش الفرنسي .
إستتفار رؤساء الادارات المدنية لمواجهة الدواعش والارهابيين وجيش (فلول) الحركة الإسلامية سيكون له مفعول السحر فى دحر تمدد الإستعمار الجديد الذي فى عهده استشرت القبلية والعنصرية والجهوية وانتفاء حكم القانون وتحولت امكانية الدولة لصالح مجتمع معين .
سيحمل السلاح كل كبير وصغير رجل وامراة طفل وشيخ .
الدفاع عن الارض والعرض بدأ .
وارخص ما يقدم مهرآ لهذه القضية العادلة التى يخوضها (الأشاوس) هي المهج والارواح حتى آخر نفس .
سنلتقي باذن الله تعالى..
