
(…..) لهذا السبب رفعنا لافتة “حميدتي الضكران الخوف الكيزان” داخل ساحة الاعتصام
(….) هذه كواليس اول لقاء مع عبد الرحيم دقلو في اليوم التالي من سقوط بن عوف
بدأنا الثورة بلا انتماء سياسي وأسقطنا حاجز الخوف ولكن ….
(…..) هذا ما تقوم به القوى الشعبية المناهضة للحرب
الأسلحة الكيميائية.. حقيقة وثقها الواقع واعترف بها العطا
حكومة التأسيس تمثل الأغلبية الصامتة وتفتح باب التغيير و(…) هذه رسائلنا للمجتمع الدولي وبقايا الجيش
تحدث في لحظة تاريخية فارقة كان يعيشها السودان، عندما تقاطعت أصوات المقاومة الشعبية مع مطالب التغيير الجذري ووقف الحرب. إن ثائرا فؤ ساحات الاعتصام إلى أن سقط البشير وسقط بن عوف انه الشاب الثائر المهندس هيثم دينار، أحد مؤسسي المنصة الإعلامية الموحدة للجان المقاومة ورئيس القوى الشعبية السودانية المناهضة للحرب، ونائب رئيس لجنة حصر المرافق والحكومية، أجانب شغله منصب امين عام وزارة الزراعة بولاية الخرطوم بعد تحريرها من قبضة جيش الفلول، دينار افصح عن بصماتهم في مسار الثورة، وكواليس الأيام الأولى بعد سقوط النظام البائد، ورؤيتهم للانتقال السياسي، إضافة إلى مواقفهم من المبادرات الدولية ورسائلهم للمجتمع الدولي ولحكومة التأسيس، فالي مضابط الحوار :
حوار : إيناس لنقبة
دعنا نبدأ.. ما الذي وضعتموه من بصمات خلال فترتكم السابقة تجاه التغيير؟
أشكر صحيفة “الأشاوس” على هذا الحوار، وأتمنى أن تتحقق تطلعات الشعب السوداني. ما قصدناه بالتغيير هو إزالة النظام البائد أولًا وأخيرًا. عملنا مع مجموعة لا تنتمي لأي اتجاه فكري أو سياسي في سبيل التغيير الشامل. وبعد اندلاع ثورة 13 ديسمبر من مدينة الدمازين، تم انتخابي مع الأستاذ محمد الكندري (والد الشهيد كهرباء) والإعلامي شوتايم من داخل دار أسر الشهداء لهيكلة المنصة الإعلامية الموحدة للجان المقاومة. هذه المنصة توسعت لتشمل كل ولايات السودان، وصنعت اختراقًا كبيرًا خاصة مع تحرك المواكب في يوم وساعة واحدة، فكانت داعمًا للحرية والتغيير، وكابوسًا لتوابع النظام البائد.
أثناء ثورة ديسمبر كانت هناك كواليس.. هل يمكن تسليط الضوء على بعضها؟
كانت مواقفنا واضحة تجاه المؤتمر الوطني، والمؤسسات العسكرية، والأحزاب. من الكواليس أنه تم استدعاؤنا يوم 11 أبريل، مباشرة بعد إطاحة ابن عوف، للقاء القائد عبد الرحيم دقلو بوزارة الدفاع. كنا ثلاثة أشخاص، وخلال النقاش توصلنا لقناعة بأن هناك من يعمل على شيطنة من ساهموا في نجاح الثورة، وعلى رأسهم قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو. فقررنا المشاركة مع كل من ساهم في نجاح الثورة دون انحياز. وضعنا أكبر لافتة داخل الاعتصام كتبنا عليها: (حميدتي الضكران الخوف الكيزان).
بعد عام تقريبًا استدعاني مولانا محمد المختار بالقصر الجمهوري وسألني مباشرة: هل ساهم الدعم السريع في إنجاح الثورة؟ فأجبت: نعم. ثم سألني إن كنت أستطيع عمل حوار يؤكد ذلك، فوافقت رغم معرفتي بما قد يترتب عليه. وكان الحوار مع صحيفة “الصيحة” تحت عنوان: (لولا حميدتي لفشلت الثورة)، مع أنني لم أنتمِ يومًا للدعم السريع.
متى التحقت بمشروع التغيير بعد اندلاع الحرب؟
بعد الأسبوع الأول من الحرب، تلقيت اتصالًا يطلب مقابلتي باسم رئيس المجلس الاستشاري. أجبت بأنني عاهدت نفسي أن أضع يدي مع كل من يعمل على “تكسير رأس الحية” – المؤتمر الوطني. كنا قد دعونا لحياد لجان المقاومة، لكن اكتشفنا أن كثيرًا منهم انحازوا بوضوح للمؤسسة العسكرية التي يقودها الإسلاميون. بعض المجموعات مثل “ملوك الاشتباك” و”غاضبون” ما زالوا يقاتلون حتى الآن.
لكن هل بقيتم على الحياد؟
السياسة لا تعرف ثوابت، لكن المبادئ والأخلاق هي الثابتة. بعد تباين الصفوف داخل قوى المقاومة، لم نستسلم. أسسنا القوى الشعبية السودانية المناهضة للحرب، وفتحنا 11 مكتبًا ولائيًا. عملنا على إيقاف الحرب، وأقنعنا نائب منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة “توبي هارورد” بنقل مكتبه من بورتسودان إلى زالنجي. كما ساهمنا في فتح طريق نيرتتي–زالنجي لإيصال المساعدات. أصدرنا 80 بيانًا، ونظمنا 42 وقفة احتجاجية وتضامنية، أدنّا فيها جرائم القصف بالطيران، واستخدام الأسلحة الكيميائية، وذبح المدنيين، ومنع الأقاليم من حقوقها في التعليم والتنقل واستخراج الأوراق الثبوتية.
انتشرت أخبار عن استخدام أسلحة كيميائية في الخرطوم.. ما الحقيقة؟
الحقيقة أن عناصر “البراء بن مالك” هي من استخدمت أسلحة كيميائية محظورة دوليًا. انتشار المواد كان الهدف نفسه، والدليل نفوق الحيوانات والطيور بشكل جماعي، ووفاة العشرات من المواطنين. هذا السلوك أكدته منظمات حقوقية، كما أقر به الفريق ياسر العطا في خطابات موثقة مع البرهان، حين قال إنهم في انتظار “إشارة” لاستخدام القوة المميتة.
أنتم نائب رئيس لجنة حصر وصيانة المقار الحكومية.. كيف يسير العمل؟
الطيران الإرهابي والمصري دمّر المؤسسات والمصانع لكسر إرادة الشعب، لكنه فشل في هدم المعاني. بادرنا كمهندسين ومنظمات وطنية ومواطنين بحصر المؤسسات وتقييمها. الآن تجري أعمال النظافة والصيانة تمهيدًا لاستقبال حكومة “الهامش والمهمشين”، لتأسيس سودان جديد بمفاهيم قومية تحفظ وحدة التراب وسلامة الشعب.
وماذا عن فكرة النصب التذكاري؟
نعمل على مبادرة لتحويل آلة عسكرية مدمرة إلى منصة خطابية ومزار جماهيري، تجسد شعار السلام – الحرية – العدالة – الوحدة. يتم طلاؤها بالأبيض وتزيينها بأعلام السودان، مع منصة بارتفاع متر ومساحة ٤×٤ متر مربع.
كيف استقبلتم إعلان حكومة التأسيس؟
شاركنا في صناعتها، ورأينا فيها صوت الأغلبية الصامتة. نسبة مشاركة الدعم السريع لم تتجاوز ١٪، وهذا يرد على من يروجون أن حرب 15 أبريل قامت لحساب طرف واحد. الأهم ليس من يحكم السودان، بل كيف يُحكم. الاستقبال الشعبي كان عارمًا وعفويًا، يعكس ثورة تغيير حقيقية.
ما هي رسائلكم؟
للمجتمع الدولي: إرادة الشعوب الحرة هي من تحدد مصائرها.
لما تبقى من الجيش: تحرروا من الكيزان والإرهابيين الذين أساؤوا لسمعة القوات المسلحة.
للخونة الذين يرسلون إحداثيات للطائرات: أنتم سبب مقتل أهلكم ونسائكم وأطفالكم.
لحكومة التأسيس: إن انحرفتم عن مسار التغيير، فإن بعد الثورة ستأتي ثورة أخرى.
كلمة أخيرة؟
شكري لصحيفة “الأشاوس” وطاقمها الفني والإداري على هذا الحوار، الذي أتاح لي كشف الكثير من القضايا التي كانت حبيسة الصدور.