يعتبر مثلث العوينات منطقة استراتيجية للثلات دول : ليبيا ،ومصر والسودان، من الناحية التجارية والامنية والدعم اللوجستي، وهو مجموعة جبال وهضاب تمتد داخل السودان ومصر وليبيا وتتموضع المساحة الاكبر داخل السودان بمقدار (٤٣) كيلو متر وفي الداخل الليبي (٢٠) كيلو متر وفي الداخل المصري (١٠) كيلومتر، وتنبع اهميتها الاستراتيجية اضافة لذلك في انها اصبحت معبرا للمهاجرين من دول مختلفة الى اوربا ، وبما ان ليبيا والسودان تشهدان نزاعا داخل كل منهما فان التأثير الامني على الحدود سوف يكون اكبر حساسية تجاه حركة المواطنين والحركات المسلحة في البلدين ، مع ميزة اخرى اضافة للحدود المشتركة بين ليبيا والسودان وتشاد وجميعها تشهد توترات مختلفة تزيد من اهمية المنطقة الامنية والاستراتيجية بالنسبة للدول الثلاث!
يمثل المثلث للجانب المصري بؤرة توتر وانشغالات تضع القاهرة امام حالة انتباه حول مكافحة الارهاب والهحرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتمرير الاسلحة الي الجماعات المتطرفة ، خاصة ان ولديها كتيبة في تلك الناحية تعمل بالتنسيق مع قوات خليفة حفتر الذي يعتبر حليفا للقاهرة وانها ظلت تدعمه ومعها الامارات سياسيا وعسكريا في نزاعه مع الفصائل الليبية الاخرى!
دخول هذا المثلث في اتون الصراع وسيطرة قوات الدعم السريع التي لديها ايضا تحالف مع خليفة حفتر ودولة الامارات، وكلا الطرفين يمثلان القاسم المشترك بين مصر والدعم السريع ، ولذلك يعتبر العديد من المراقبين ان دخول الدعم السريع وسيطرته على المثلث سوف يؤدى الى تحييد مصر! والتي ليس امامها سوى الدخول في تفاوض مع الدعم السريع عبر حفتر والامارات! على الاقل لمناقشة انشغالات القاهرة بمكافحة الارهاب في تلك الناحية ، خاصة وان قوات الدعم السريع لديها خبرة في العمل حول تلك الحدود منذ سنوات وعملت مع الاتحاد الاوربي في هذا المجال المتعلق بما يسمى ” مكافحة الهجرة غير الشرعية ” فيما يعرف بعملية الخرطوم. وكلها عوامل يعتبرها المراقبون انها ستقود مصر مرغمة للحديث والتفاوض مع الدعم السريع !
يعتبر الخبراء العسكريون ان المثلث هو الموقع الاستراتيجي الأكثر أهمية منذ بداية الحرب، لعدة عوامل منها خروج الحدود الليبية كاملة عن المعركة كما سبقتها تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان! وسابقة بالنسبة لقوات الدعم السريع للمشاركة والحضور في الحدود المصرية لاول مرة منذ بداية الحرب! بما يجعل التهديدات التي انطلقت سابقا منها بالنسبة للشمالية اكثر جدية بعد ان صارت الولاية قاب قوسين او ادني وبغير اسناد بعد احتلال المثلث ! واكتمال العزل التام لقوات المشتركة والجيش المتبقية في الفاشر علي محيط واسع يمتد من كردفان والشمالية وشمال دارفور!
تعتبر معسكرات المشتركة والجيش بمناطق المثلث التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع هي آخر معسكرات المشتركة في الحدود الليبية، والتي هاجمت الجيش الليبي قبل ايام وتم دحرها بواسطة الجيش الليبي حتي معسكرات العوينات حيث سيطرت عليه الان قوات الدعم السريع !ويعتمد امداد المشتركة على هذه المعسكرات لدعم الحرب في الصحراء وهي بمثابة المدخل الرئيسي للوقود والامداد العسكري المشتركة والجيش! بما يجعل هذا الانتصار تطويقا للامداد العسكريّ لميليشيا البرهان ، والقضاء التام علي القوات المشتركة في معسكر العوينات بدءاً من جبل (كِسُّو)وحتي آخر معسكر لهم مع الحدود الليبية وخلو الحدود علي طولها من غرب البلاد وحتى شمالها لقوات الدعم السريع! وتأمين ظهرها تامينا كاملا مع محاصرة شاملة لقوات البرهان مما يفتح الباب واسعا لمختلف سيناريوهات التصعيد وربما مهاجمة الولاية الشمالية التي باتت في مرمي قوس قوات الدعم السريع!
