
تقرير سوما المغربي
بعد وصولها أعلى معدلات سجلت عالميا لتفشي الجوع والأمراض في العالم جاءت تقارير الأمم المتحدة صادمة بأنه من المتوقع أن يواجه نحو 24.6 مليون شخص في السودان أعلى مستويات الأزمة أو الأسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد لا سيما أن هنالك 13 بؤرة ساخنة حول العالم يتفاقم فيها الجوع 5 منها تواجه خطر الموت جوعا هي السودان وجنوب السودان وفلسطين وهاييتي ومالي والإقرار بحقيقة أن كارثة تفشي الجوع في السودان تستدعي “أعلى درجات القلق”. حيث رسمت الأمم المتحدة صورة قاتمة للوضع الإنساني في السودان، إذ أكدت في تقاريرها الأخيرة بشأن الأمن الغذائي والمجاعة أن الأزمة الغذائية في البلاد وصلت إلى أسوأ مستوياتها في تاريخ السودان.
_تحذيرات أممية ..
على مدى الأشهر الماضية كشف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن خطورة تحذيرات إنهيار الأوضاع في السودان إلى “الهاوية”، مع أحتمال وقوع وفيات جماعية جراء الجوع، وأشار تورك إلى تعليق برنامج الأغذية العالمي مساعداته في إحدى مناطق دارفور، مؤكدا أن ملايين السودانيين أجبروا على النزوح، وقد يواجه مئات الآلاف خطر المجاعة إذا استمر العنف وتعذر وصول المساعدات.
وقد أطلق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عدة تحذيرات من خطورة تصاعد النزاع في السودان، وإمكانية وقوع وفيات جماعية جراء الجوع.
وتعزو الأمم المتحدة الأزمة الحالية إلى أكبر موجة نزوح وجوع في العالم، إذ تشير إلى الإبلاغ عن وقوع المجاعة في ما لا يقل عن خمسة مواقع في السودان، بما فيها مخيمات للنازحين في دارفور.، وظلت الأمم المتحدة تحذر بأن السودان على شفا “الهاوية” والمجاعة تهدد الآلاف
أفريقيا.
وسابقاً خلال جلسة أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، أكد تورك أن السودان “على شفا الانفجار”، مشيرا إلى تزايد مخاطر “الجرائم الفظيعة والوفيات الجماعية جراء المجاعة”، إذ يرى أن مستوى التصعيد لم يكن في أي وقت أعلى مما هو عليه الآن.
وحذر تورك من خطر “السقوط في الهاوية”، واحتمال مقتل مئات الآلاف في حال عدم تدارك الوضع ووقف الحرب المدمرة الجارية، حيث صرح بأن الأزمة الإنسانية في السودان أدت إلى “أكبر كارثة إنسانية في العالم”، لا سيما مع تعثر وصول المساعدات الطارئة وعرقلة العودة إلى الزراعة.
وبحسب ما كان قد أوضح المفوض الأممي، بات أكثر من 600 ألف سوداني “على شفا المجاعة”، مع تأكيدات تفيد بانتشار الجوع في خمس مناطق على الأقل، منها مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، إذ علقت منظمة أطباء بلا حدود أنشطتها مطلع الأسبوع، قبل أن يحذو برنامج الأغذية العالمي حذوها.
ويضيف تورك أن 30,4 ملايين شخص يحتاجون إلى أشكال مختلفة من المساعدة، منها الرعاية الصحية والغذاء. كما تعمل أقل من 30% من المستشفيات والعيادات في ظل ارتفاع مخاطر انتشار الأمراض في مخيمات النزوح. ويحث المجتمع الدولي على توحيد الجهود لإيجاد سبيل لإنهاء الحرب في السودان.
_ تحديٍ للحقائق..
لطالما نفت الحكومة السودانية وجود أزمة غذائية أو مجاعة في البلاد، ووصفت تلك الادعاءات بأنها “محاولة لتحقيق أجندات سياسية”، ومن قبل من عاصمة حكومة الأمر الواقع ببورتسودان، كرر المسؤولون الحكوميون، وعلى رأسهم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، هذا الموقف، إذ وصف في خطاب متلفز ألقاه نهاية العام الماضي، التقارير المتعلقة بالمجاعة بأنها “افتراء يهدف للتدخل في الشأن السوداني”.
وقال البرهان: “لقد استجابت الحكومة السودانية لجميع متطلبات العمل الإنساني وإيصال المساعدات للمحتاجين، وستظل ملتزمة بهذا الأمر. كما أن الدولة وقواتها المسلحة ملتزمة بالقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، مع وضع ضوابط صارمة لحماية المدنيين”.بعد جلسة مجلس الأمن، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً وصفت فيه التقارير التي تتحدث عن الجوع بأنها “محض افتراءات وادعاءات غير دقيقة”.
_ شهادات ..
على أرض الواقع، يؤكد العاملون في المجال الإنساني وجود أدلة واضحة على انتشار المجاعة، خصوصاً في المناطق المتأثرة بالنزاع مثل دارفور وجنوب كردفان ومناطق الاشتباكات في العاصمة الخرطوم ومدن الأخرى، فمنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023،اضطر أكثر من 14 مليوناً إلى النزوح من مناطقهم، بعضهم إلى دول الجوار.
أحد العاملين في المجال الإنساني، يصرح لوكالات عالمية: “إنكار المجاعة من قبل السلطات يؤدي إلى تفاقم الوضع ويزيد من معاناة السكان الذين لا حول لهم ولا قوة، إن فرقنا الميدانية في شمال دارفور، وفي مخيمات النزوح مثل زمزم وأبو شوك، وأيضا في جنوب كردفان، رصدت وفاة العديد من الأشخاص بسبب نقص الغذاء. كما اضطر البعض الآخر إلى تناول الحشائش وعلف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة”.
_ تردي الأوضاع وأطماع المكاسب..
وذهب الخبير الاستراتيجي محمد عبد الواحد عمر إلى أن دعوات حكومة بورتسودان بعودة المواطنين هي دعوة الإنتحار لهم في ظل تردي الوضع الصحي وأنعدام الآمن الغذائي، حيث أن الحكومة تدعو المواطنين للمجئ للخرطوم لتحقيق مكاسب سياسية دون تقديم أدنى مقومات الحياة ، من مياه ، وكهرباء، ومساعدات إنسانية، وويضيف بأن الأسباب الحقيقية وراء الدعوات بالعودة هي التجنيد والإستنفار لصالح كتائب الإسلاميين وغيرها المنتسبة للجيش، وأن ذلك يحدث قسراً في بعض المناطق، كما حوادث أخرى منها أستغلال الجوع والغذاء في إستخدام المواطنين في الفاشر ومنعهم من المغادرة وهم يموتون جوعا من أجل استخدامهم كدروع بشرية من قبل قوات المشتركة المتحالفة مع الجيش في المدينة، وخوفا من بطش قوات الدعم السريع، ومحاولة جعل المواطن حائط صد في العمليات العسكرية لوقف تمدد قوات الدعم السريع.
_خلاصة..
ويرى المحلل السياسي ادم حسين بانه لا إنجلاء للأزمة سوى بالتدخل الدولي المباشر، حيث أن تفاقم حدتها والتي تعدت الإشارات الحمراء وفقا لرصد تقارير الأمم المتحدة والتي ذهب في خلاصتها إلى أن نحو 30.4 مليون شخص أي أكثر من ثلثي إجمالي السكان السودانيين في حاجة إلى المساعدة، من الصحة إلى الغذاء وغير ذلك من أشكال الدعم الإنساني، إضافة إلى إنهيار إقتصادي، مما أسفر عن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية الأخرى، الأمر الذي جعلها بعيدة عن متناول العديد من الأسر السودانية مما يؤدي إلى تفاقم مستمر للأزمة التي لا تلوح لها بوادر حلول في ظل إنكارها من قبل الداخل السوداني ببورتسودان والتعامل معها وفق مصالحها في إستمرار الحرب والصراع القائم.