الرئيسيهسوما المغربيمقالات

سوما المغربي تكتب: الرباعية فرصة أخيرة وتحد وإثبات للنوايا!

مع تسارع وتيرة الاحداث في السودان وتفاقم الأزمة الإنسانية، تتجه الأنظار نحو الجهود الدولية، الرباعية الدولية، التي باتت تُعد الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
بالنسبة لنظام بورتسودان، فإن هذه المبادرة لا تمثل فقط مسارًا لإنهاء الحرب، بل اختبارًا أخيرًا له أمام المجتمع الدولي، بعد أن رفض كل مساعي التفاوض السابقة، من جدة والمنامة إلى جنيف. استمراره في العناد ورفض الحلول السياسية سيضعه في مواجهة عزلة دولية متزايدة، وقد يُسقط ما تبقى له من غطاء دبلوماسي.
أما بالنسبة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يعود للساحة الدولية عبر ملف غزة، فإن التحدي في السودان قد يكون لحظة إثبات حقيقية لمقولته بأن “وقف حروب الشرق الأوسط واجب النفاذ”. نجاحه في الضغط على الأطراف السودانية وتوجيه الرباعية نحو سلام دائم سيكون إنجازًا سياسيًا يعزز صورته كرجل سلام عالمي.
أما مصر، فإن موقفها المتأرجح من الحرب في السودان بدأ يكلّفها سياسيًا وإقليميًا. استمرار دعمها لجيش بورتسودان يعني دعمًا لحرب خاسرة، تخلق فوضى على حدودها الجنوبية، وتضعف نفوذها في القارة. لكن الموقف المصري الأخير، والذي بدأ يقترب من مناخ التسوية، هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ويفتح الباب أمام دور بناء في هندسة السلام، بدلاً من التورط في دعم عسكرة الأزمة.
ولنقل إن لحظة الحقيقة تقترب. الرباعية أمام منعطف، وترامب أمام تحدٍ، ومصر أمام اختبار نوايا. لكن الأهم أن الشعب السوداني ينتظر سلامًا حقيقيًا، لا بيانات ولا مؤتمرات.
النوايا الحسنة وحدها لا تصنع السلام. فكم من مبادرات حملت نوايا طيبة، لكنها انتهت إلى لا شيء بسبب التردد والمجاملات السياسية. في السودان، لا يمكن تحقيق سلام فعلي دون الحسم مع جذور الأزمة، وأولها تفكيك قبضة الإسلاميين على مفاصل الدولة ومراكز القرار. هؤلاء هم من قادوا البلاد إلى الحروب والانقسام، وهم من يحاولون اليوم عرقلة أي تسوية. لا سلام دون إنهاء مشروعهم العقائدي الإقصائي والتخلص من ترهاتهم التي عطّلت السودان لعقود. السلام يبدأ بوضوح الرؤية وصرامة التنفيذ، لا بالشعارات أو التعايش مع من تسببوا في الكوارث. الحسم هو الطريق الوحيد نحو سلام دائم وعادل، ولا يمكن أن يتحقق سلام حقيقي في السودان دون إزالة من تسببوا في إشعال الحرب وأصرّوا على استمرارها. السلام ليس شعارات بل أفعال، وأول خطواته محاسبة من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء. لا مساومة مع من أشعلوا الفتنة، فإقصاؤهم هو الطريق نحو سلام دائم.

سوما المغربي
أكتوبر٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى