
(….) هذه كانت أبرز ملامح الغدر في صبيحة 15 أبريل وانا اعبر جسر الفتيحاب
واجهنا مرتزقة التقراي في تخوم الدندر، وكانت من المعارك الفاصلة والصعبة
المهندسين كانت قاب قوسين أو أدنى من السقوط، وتراجعنا كان بسبب خديعة فتح الممرات الإنسانية
التحامنا مع قوات الحركة الشعبية في النيل الأزرق كان دافعًا لعودتنا إلى المحاور والمناطق التي فقدناها
حوار: موسى مساجد
عبد الرحمن خمسة أبو ورقة، رئيس شعبة الإعلام – قطاع أم درمان سابقًا، ومراسل حربي من الدفعة الأولى للفنيين الجامعيين. خاض العديد من المعارك الفاصلة في أم درمان والنيل الأزرق، خاصة جبل موية، وكان أحد الأبطال الذين حاصروا منطقة المهندسين لعشرة أشهر متواصلة. “الأشاوس” التقته في حوار مطوّل تناول بدايات العمل، وانطلاقة الحرب، وجبهات القتال الساخنة.
بداية، حدّثنا عن نفسك ومحطاتك في العمل الإعلامي داخل قوات الدعم السريع؟
أنا عبد الرحمن خمسة فضل النبي، من مواليد 1989 بولاية شرق دارفور – محلية عديلة. درست في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية – كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية – قسم الإدارة العامة، ثم نلت درجة الماجستير في الإعلام والعلاقات العامة من جامعة الزعيم الأزهري.
التحقت بقوات الدعم السريع عام 2017، وعملت بمركز الإعلام بشرق النيل، ثم برئاسة دائرة الإعلام، بعدها بقطاع أم درمان، ثم في نيالا ومنطقة شطاية، وكذلك البحر الأحمر ضمن متحرك “استتباب الأمن” في بورتسودان.
كنت من المؤسسين لدائرة الإعلام عام 2018 مع عدد من الزملاء، منهم الطيب خليل ويوسف عبد الله وآخرون.
كيف جرى الغدر بقوات الدعم السريع في أم درمان مع بداية الحرب؟
في صباح 15 أبريل، عند السابعة والنصف، كنت في طريقي من المنزل إلى العمل بشرق النيل، ففوجئت بحشود ضخمة من الكتائب الإسلامية على مستوى كبري الفتيحاب والصالحة.
عندما سألناهم “ما الذي يجري؟”، كانوا يجيبون: “والله لا نعلم”. لكن كانت الذخيرة تدور، والغدر ظاهر. لقد كانوا مستعدين للحرب مسبقًا.
بعد أن قطعت الكبري مررت بشارع النيل، فرأيت كتائب الإسلاميين مجهزة. وعند وصولي شرق النيل، وجدت إطلاق نار كثيف على المدينة الرياضية. التقيت بالناطق الرسمي للجيش نبيل عبد الله وقلت له: “ما الذي يحدث؟”، فأجاب: “والله أنا نفسي لا أفهم شيئًا”.
لكن الواضح أنهم كانوا يعرفون أن ذلك اليوم هو نقطة الصفر. قواتنا لم تكن مستعدة؛ جزء منها كان في إجازات. نحن لم نطلق الشرارة الأولى، بل هم من أطلق النار، وكانوا مجهزين منذ يوم الجمعة السابق.
ما أبرز المعارك التي شاركت فيها خلال الحرب؟
أبرزها معركتان راسختان في ذاكرتي:
معركة خور أبو عنجة بتاريخ 8/8/2024، وكانت شرسة، سقط فيها شهداء أعزاء مثل آدم تربو ومعتز وبعشين، رحمهم الله.
معركة كبري تسعة في تخوم مدينة الدندر، التي استمرت نحو سبع ساعات وكانت من أعنف المواجهات. هناك واجهنا لأول مرة مرتزقة التقراي. كنت برفقة جنابو علي إبراهيم – أصيب وقتها – وغيرهم من الأبطال.
ما أصعب المواقف التي تعرضت لها؟
من أصعبها كان بعد سقوط الإذاعة، حين كنا نجهز ثلاثين عربة للهجوم على الكبري. أعددنا كل شيء حتى الرابعة صباحًا، ثم جاءت التعليمات بتأجيل العملية.
الشهيد قرن شطة – رحمه الله – قال وقتها: “حتى لو بعربة واحدة سنحرر الكبري”. لكنني أكدت له أننا عساكر وعلينا الالتزام بالأوامر. كان ذلك من أكثر المواقف قسوة عليّ.
ماذا عن حصار المهندسين؟
كنا من القوة التي حاصرت المهندسين نحو عشرة أشهر، وكانت من أعنف المواجهات. كدنا نحررها لولا توجيهات القيادة بفتح ممرات إنسانية للمدنيين. للأسف استغل الجيش تلك الهدنة لإدخال السلاح والمؤن. ولو لا ذلك، لسقطت المهندسين منذ الشهر الرابع.
كيف كانت مساهمتكم كإعلاميين حربيين في الميدان؟
قمنا بدور كبير في توثيق ونقل الانتصارات والفعاليات الاجتماعية، سواء في بحري أو أم درمان أو الخرطوم أو الولايات. كما ساهمنا في دحض الأكاذيب التي يروجها الفلول في مناطق سيطرتهم. الفضل الكبير في تنظيم الإعلام الحربي يعود للأخ جنابو الطيب خليل.
حدثنا عن وجودكم في النيل الأزرق؟
النيل الأزرق محطة استراتيجية صعبة، خضنا فيها معارك شرسة مثل جبل موية، سنجة، الدندر، السوكي، أبو حجار، ود النيل، بووط والمزموم.
رغم بعض التراجع، ما زالت قواتنا موجودة بكامل عتادها، والتنسيق مع قوات الحركة الشعبية قائم. هذا التحام كان دافعًا لعودتنا إلى المحاور التي فقدناها.
النيل الأزرق أرض مهمشة تفتقر للتعليم والخدمات، ووجودنا هناك رسالة خلاص لشعبها الطيب. نرسل التحية من هنا للواء حمودة البيشي وقوات متحرك البيشي وكل الرفاق الصامدين هناك.
