
قصة تحرير الفرقة بزالنجي من أصعب المحطات… وزملاؤنا خانوا وهربوا بالمعدات!
جيش الفرقة قابل مبادرة الهدنة بالرصاص… واستشهد وفدنا أمام بوابة القيادة!
سافرت 3 أيام وسط الوحل لبث مادة واحدة بسبب انقطاع الشبكة المفاجأة كانت (….)
في صباح 15 أبريل… الشهيد علي يعقوب جمع القوات وقال لهم: (…)
هذه كانت آخر وصايا اللواء علي يعقوب قبل استشهاده في طريقه إلى الفاشر!
حوار : الاشاوس
في قلب المعارك المشتعلة بولاية وسط دارفور، وبين دخان الرصاص وقسوة الميدان، برز الإعلامي والمراسل الحربي محمد مصطفى قاسم، رئيس شعبة الإعلام بالفرقة الثانية – الدعم السريع – بزالنجي، كأحد أبرز شهود المرحلة.
في دردشة صريحة مع صحيفة (الأشاوس)، يكشف محمد مصطفى تفاصيل تحرير الفرقة 21 مشاة بزالنجي، ويروي حكايات موجعة عن الخيانة وهروب زملائه الإعلاميين، وأخرى بطولية خاضها رفقة القائد الشهيد اللواء علي يعقوب جبريل.
القاسم حكي عن مواقف لا تُنسى، من السفر لمسافات طويلة فقط لبث مادة واحدة، إلى التغطيات تحت نيران الحرب، وارسل تحذيرات من مخاطر التصوير العشوائي،
كشف رئيس شعبة الإعلام بالدعم السريع ولاية وسط دارفور عن أسرار حول تحرير فرقة جيش (الفول) العسكرية بزالنجي، وعن المواقف الحرجة والعصيبة، في مهامه بعد اندلاع حرب ١٥ أبريل.
وحكى قاسم في دردشة مع صحيفة (الاشاوس) بالتفاصيل مواقف رئيس القطاع السابق الراحل اللواء علي يعقوب الذي صادفت الأيام الماضية ذكرى استشهاده، حكى دور الراحل في منع المواجهات والتوصل لاتفاق، ومقابلة جيش الفرقة لمبادرته بإطلاق النار على وفد الدعم السريع عند بوابة رئاسة الفرقة قبل أن تسقط.
قاسم يروى قصص من الخيانة والغدر من زملائه قبل هروبهم إلى بورتسودان
بداية دعنا نتعرف عليك وعلى محطات العمل في دائرة الإعلام؟
أنا محمد مصطفى محمد قاسم، رئيس شعبة الإعلام بالفرقة الثانية – الدعم السريع – بولاية وسط دارفور، بعد التحرير.
بدأت العمل في دائرة الإعلام منذ العام 2019م، أي منذ نحو سبع سنوات، وكانت البداية من المكتب المركزي بالخرطوم، حيث قضيت فترة هناك.
خلال وجودي في المكتب المركزي، خضعت لعدد من الدورات التدريبية، بدعم من الدائرة، شملت: التحرير الصحفي، التصوير، المونتاج، وصحافة الموبايل.
بعدها انتقلت رسميًا إلى قطاع زالنجي، بولاية وسط دارفور، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم أواصل العمل تحت قيادة الفرقة الثانية زالنجي.
تولّيت رئاسة شعبة الإعلام بعد مرور شهرين من اندلاع حرب 15 أبريل.
بداية الحرب كانت عسيرة… كيف استطعتم الخروج إلى بر الأمان؟
بالفعل، كانت بداية حرب 15 أبريل صعبة للغاية، لأننا لم نكن مستعدين لها، إذ جاءت مفاجئة، بينما كان العدو مستعدًا لها منذ سنوات.
لكن بفضل عزيمة الشهداء، وتماسك الأشاوس، والتعامل الرشيد من القيادة، استطعنا تجاوز المرحلة. كانت القيادة دائمًا بيننا، تتفقد أحوالنا، رغم الظروف الصعبة.
ورغم ما مررنا به، كانت الانتصارات تتوالى، وتمكنا بفضل الله من دحر المتربصين وإخراج البلاد إلى بر الأمان.
قصص في تحرير الفرقة الثانية زالنجي؟
هناك العديد من القصص التي سبقت تحرير الفرقة 21 مشاة من قبضة جيش البرهان، إلى أن أصبحت الفرقة الثانية دعم سريع – زالنجي.
من أصعب القصص التي واجهتنا، أن عددًا من أفراد شعبة الإعلام – وعددهم كان ستة قبل الحرب – هربوا بعد أسبوع فقط من اندلاعها، ونهبوا كل الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالمكتب، من كاميرات ولابتوبات ومايكات، وسلّموها لاستخبارات الجيش، ثم فرّوا إلى خارج البلاد.
تبقّينا نحن اثنين فقط، وواصلنا العمل طوال فترة الحرب، نقاتل ونوثّق في الوقت نفسه، رغم صعوبة ذلك، لكنها ستظل قصة مؤلمة لا تُنسى.
مواقف حرجة خلال الحرب؟
من أصعب المواقف التي عشناها، يوم كنا ذاهبين لتغطية معركة فيها انتصارات وأسرى وغنائم، لكننا لم نملك وسيلة مواصلات، وكانت المسافة طويلة.
استوقفنا أحد الضباط وطلبنا منه إيصالنا، فأجاب: “أنتم شعبة إعلام، ما عندكم عربية؟ أمشوا بالمواصلات”، ثم غادر!
واصلنا المسير على الأقدام حتى وصلنا المكان وأكملنا التغطية.
ومن المواقف الأخرى، تأخُّر تحرير الفرقة بسبب عدم انضباط بعض الجنود واستعجالهم في تنفيذ التعليمات، ما أدى لفقدان عدد من الأبطال.
مواقف لا تُنسى بعد أكثر من عامين؟
من أبرز التحديات أننا في وسط دارفور نعاني من انقطاع كامل في شبكات الاتصال منذ 15 أبريل وحتى اليوم.
كنا نحمل المواد الإعلامية ونسافر بها إلى ولايات أخرى لإرسالها. أول رحلة كانت إلى محلية السريف بولاية شمال دارفور في 16 أغسطس 2023، في عز الخريف، واستغرقت الرحلة ثلاثة أيام.
عند وصولنا، كانت الشبكة مقطوعة، وظللنا ننتظر أسبوعًا. عندما عادت الشبكة ليلاً، بقيت حتى الرابعة صباحًا لإرسال المواد، ثم عدت إلى وسط دارفور عبر طرق وعرة.
الرحلة الثانية كانت إلى غرب دارفور، حيث استخدمنا شبكة دولة تشاد. كانت رحلات شاقة، لكنها مليئة بالمناظر الطبيعية والطرائف رغم ظروف الحرب.
زالنجي شهدت تحشيدًا لخلق فتنة خلال الحرب الأولى؟
بعد بداية الحرب كانت هناك هدنة لمدة أسبوعين. استغلتها الاستخبارات العسكرية لخلق فتنة قبلية بين قبيلتي السلامات وبني هلبة في جنوب الولاية، ونجحت في إشعال حرب استمرت أكثر من ستة أشهر.
تأثرت الولاية أمنيًا، وتأخر تحرير الفرقة بسبب ذلك. لكن مع الوقت، أدرك المجتمع أن ما حدث كان مؤامرة كيزانية هدفها ضرب الدعم السريع من الداخل.
بفضل قيادة الدعم السريع والإدارات الأهلية، تم إغلاق صفحة الفتنة، ومنذ ذلك الوقت لم تقع أي فتنة قبلية في وسط دارفور.
أيام لا تُنسى مع الشهيد اللواء علي يعقوب جبريل؟
تعرفت على اللواء الشهيد علي يعقوب في عام 2017، وبدأت العمل معه قبل انضمامي لدائرة الإعلام.
كان بمثابة الأب والقدوة، ينصحنا كل صباح، ويتفقد جنوده باستمرار، ويُحسن إلى كل ضعيف في وسط دارفور.
في صباح 15 أبريل، جمع قواته وقال لهم: “هذه حرب مدمرة، ولكن احرصوا على عدم إيذاء المواطن، فهو بريء”.
ذهب إلى قيادة الجيش ليقترح المصالحة، لكنهم فتحوا النار علينا عند بوابة الفرقة، واستُشهد عدد من الضباط.
في يوم تحرير الفرقة 21 مشاة في 31 أكتوبر 2023م، قال لنا: “الحرب هنا انتهت، لكن الحرب الأكبر هي حرب النفس، احفظوا كرامة المواطن، والنازحين… والله يسألكم يوم القيامة”.
كانت هذه آخر وصاياه قبل استشهاده في طريقه إلى الفاشر.
فقدته الولاية، حتى خصومه حزنوا عليه. لم تلد الدنيا مثله.
اشادة القائد بالإعلام الحربي ؟
إشادة القائد محمد حمدان دقلو بنا كانت مستحقة، لأنه كان يتابع عملنا بدقة.
توجيهه بوجود 6 كاميرات في كل متحرك قرار موفق، لأنه يعزز مصداقية الدائرة، ويُقلل من التصوير العشوائي الذي تسبب في مشاكل كثيرة.
نحن جاهزون للتنفيذ.
انحيازات مختلفة لقضية الدعم السريع؟
قضية الدعم السريع قضية عادلة ووطنية، تنادي بالديمقراطية وإنصاف المهمشين.
هي القوة الوحيدة التي انحازت لثورة ديسمبر.
في البداية، كان الناس يعرفون عدالة القضية لكنهم خائفون، البعض استهان بها، والبعض كان مع الجيش، لكن بعد أن رأوا الحقيقة، انحازوا للدعم السريع.
اليوم، الانحياز يتزايد. الدعم السريع فتح أبوابه لكل إنسان شريف ومظلوم.
عمليات النهب في الولاية جعلتها “خاوية على عروشها”؟
وسط دارفور من أكثر الولايات التي تعرضت للنهب والسلب: منازل، مساجد، مدارس، مؤسسات الدولة… كل شيء نُهب.
هذه الأفعال جزء من مؤامرة الكيزان، لإضعاف الدعم السريع واتهامه بالعجز عن حماية المواطن.
لكننا ألقينا القبض على عدد من المتورطين، بعضهم من فلول الجيش، وآخرون من المواطنين.
الدعم السريع قادر على إعادة إعمار ما تم تدميره، فقط نحتاج بعض الوقت.
رسالة للأشاوس
أقول لكل الأشاوس:
“ارمِ قدّام… لم يتبقَّ إلا القليل.”
نفّذوا التوجيهات، وابتعدوا عن التصوير العشوائي و”اللايف”، فهو يضر بالقوات.
وعلى القادة تجنُّب استخدام شبكات الواي فاي أثناء المعارك، تفاديًا للاختراقات الأمنية.-
رسالة للقائد
نؤكد لقائدنا أن خلفه رجال لا يهابون الموت، مستعدون لتقديم أرواحهم فداءً للقضية.
نحن في دائرة الإعلام جاهزون تمامًا لكل المهام، وسنظل في الصفوف الأمامية كما كنا دائمًا.
كلمة شكر
أشكر أولًا فريق صحيفة الأشاوس على هذه المقابلة الطيبة،
كما أشكر كل من ساهم في إنجاح هذه القضية العادلة.