البيشي فينا ومعنا

مواقف ومشاهد
بقلم: عبدالله إسحق محمد نيل
بدعوة كريمة من المجموعة “65”، لبّينا وشرفنا مهرجان تأبين الذكرى الأولى لاستشهاد البطل، سليل الفُرسان، الشهيد الحي عبد الرحمن محمد أحمد، المعروف بـ”البيشي”.
ومن حسن الحظ أن ذكرى تأبين الشهيد البيشي أُقيمت في دارفور، وشرفها وفد رفيع المستوى برئاسة السيد رئيس المجلس الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع السودانية، الدكتور حذيفة، وعدد من مستشاري القائد العام، وأعضاء المجلس الاستشاري، ورئيس الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور، الضابط الإداري يوسف إدريس يوسف، والسيد قائد القيادة المتقدمة، العميد الركن أبشر جبريل بلايل، وعدد من القادة العسكريين، والإعلاميين، والصحفيين، والمسؤولين من ولايات السودان المختلفة.
وما يجدر الإشارة إليه هنا أن مهرجان تأبين الشهيد اللواء البيشي كان محضورًا، وأعدته المجموعة “65” بشكل جميل ودقيق، وتحدث فيه عدد من المتحدثين، ذكروا فيه مآثر ومواقف الشهيد الراحل المقيم اللواء عبد الرحمن محمد أحمد البيشي الكثيرة.
ومن خلال ما ذُكر عن سيرة ومسيرة ومآثر الشهيد البيشي، تأكد لي أن الشهيد لم يكن شخصية عادية عابرة كسائر الناس الذين جاءوا إلى هذه الدنيا الفانية وعبروا إلى الضفة الثانية دون إنجازات، بل كان الشهيد البيشي أمةً وكتابًا كاملًا ومتكاملًا في سِفر التاريخ.
ساهم فيه الراحل بشكل فعال من أجل تحقيق مشروع التغيير والتحرير، ومواجهة الظلم والتهميش.
جاء إلى هذه الدنيا من أتون بوادي إقليم النيل الأزرق، وتعلم في مدارسه، وتشبع بثقافاته المختلفة، ونضجت أفكاره في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وتلاقحت أفكاره، واستهواه العمل الإنساني والثوري، فانخرط في صفوف قوات الدعم السريع السودانية، فكان واحدًا من رجال الفريق أول محمد حمدان دقلو في الإقليم الأوسط.
فكان نعم القائد، ونعم الرائد الذي لا يكذب أهله.
استطاع من خلال وجوده في مؤسسة الدعم السريع السودانية أن ينشئ آبار المياه، ويؤسس ويبني دورًا للعبادة، والمدارس، والمستشفيات، وأن يقدم العديد من مشروعات الخدمات والمساعدات للمواطنين، واستطاع أن يخلق علاقات اجتماعية واقتصادية استفاد منها جميع مواطني إقليم النيل الأزرق، والإقليم الأوسط، وإقليم شرق السودان.
كل ذلك فعله الشهيد البيشي في سنوات، بل في شهور وأيام معدودة، وحقق لأهل هذه الأقاليم الثلاثة ما لم يستطع أحد من أبنائها أن يحققه.
وكل ذلك تم لأنه كان شابًا صادقًا في تعامله مع قائده، وجادًا في تقديم الخدمات والمساعدات للمواطنين الذين يستحقونها.
وكان الخير سيتدفق، وتُقام مشروعات متعددة في مجال الخدمات، لولا الحرب التي أشعلها الكيزان أعداء الإنسانية.
ويُعتبر تأبين اللواء في دارفور، وفي عدد من مناطق السودان، دلالة واضحة على أن الأشاوس وشجعان قوات الدعم السريع السودانية على قلب رجل واحد، وعازمون على مواصلة المشوار، مهما كان الثمن.
الشهيد البيشي كان قائدًا فذًا، صعب المِراس، لا يعرف الهزيمة في أي معركة خاض غمارها.
فهو المنتصر بصدق المواقف، والقناعة بالقضية.
ولذلك قال كلمته الشهيرة في حق مؤسسة قوات الدعم السريع السودانية، في أول أيام الحرب والمواجهات المسلحة وهو في إقليم النيل الأزرق:
“أنا مؤسسة أكلت حلوها، ما بنابا مُرها.”
وبعدها شقّ طريقه مع رجال الأشاوس من الدمازين إلى الخرطوم، ملتحقًا بزملائه الشهيد المقيم اللواء حامد محمد زين، والشهيد الحي المقدم الفاتح قرشي، والناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع السودانية، وآخرين ما زالوا صامدين ومتقدمين الصفوف الأمامية، يدافعون بالسنان واللسان من أجل القضية.
فالشهيد عبد الرحمن محمد أحمد البيشي، سليل الفُرسان، بكل حق وحقيقة، هو “القيصر”.
سيظل معنا وفينا، ما دمنا في هذه الدنيا الفانية.
وسيظل البيشي واحدًا من شهدائنا الأبرار الذين رحلوا وتركوا بصمات ومواقف يقتدي بها الآلاف من الأشاوس.
فالتحية إلى كل شهدائنا، وسيظل عهدنا بكم هو الانتصار.
والمطلوب من اللواء صالح عيسى، والجنرال حمودة محمد أحمد البيشي، وإبراهيم البيشي، وكل الرفاق في المجموعة، أن يؤسسوا منظمة تحمل اسم الشهيد اللواء عبد الرحمن محمد أحمد البيشي، يكون هدفها الأول خدمة كل الناس، وتسعى إلى كفالة أسر الشهداء، والعمل على رفع اسم “البيشي” عاليًا في كل المحافل.