ظل نزع شرعية وجود الأنظمة أو حتى رفض القوانين من الحكومات التي لا تمثل الشعب هو حق شعبي أصيل، فالشرعية تعني أن الحكومة أو النظام السياسي يجب أن يستمد شرعيته من موافقة المحكومين. إذا كانت الحكومة لا تمثل الشعب، فقد تُفقد شرعيتها، وهنا فالتمثيل الشعبي هو مبدأ أساسي في الديمقراطية. إذا كانت الحكومة لا تمثل الشعب، إذن لا شرعية لها.
يأتي المشهد الغريب بجملته وتفصيله عندما يتم الإعلان عن أن النيابة العامة تدون دعاوى بحق حميدتي، الهادي إدريس، التعايشي، الطاهر حجر، الحلو، جوزيف توكا، جقود مكوار، علاء نقد، وآخرين. جاءت الدعاوى التي قُيِّدت ضد 17 متهمًا وآخرين، بتهم غريبة تشمل “جرائم تقويض النظام الدستوري، والتحريض على التمرد، وإثارة الحرب ضد الدولة، وزعزعة القوات النظامية، ودعم الجماعات الإرهابية، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وجرائم الحرب”. وهذا أم العجائب، فنظام الإسلاميين في بورتسودان يستنسخ جرائمه ليتهم بها الآخرين في صورة غير واقعية تمامًا.
نظام فاقد للشرعية التي انتزعها منه الشعب، وخرجت جماهيره تؤيد مسيرة التغيير، ومن خرجوا فيها، كيف له أن يقيم قوانينه البالية المرفوضة؟ إن من خرجوا لأجل ثورة التغيير ورفض الظلم وتغيير واقع الشعب نحو تأسيس دولة جديدة هم في حماية هذا الشعب، يدافعون عن حقوقه ويدافع عنهم كرموز لهذا التغيير وقيادة ستعبر بهذه البلاد إلى رحاب الحرية والديمقراطية والعدالة، وما زالت ثورة الحق والتغيير مستمرة.
عندما جاءت على الشعب السوداني مراحل عديدة من النضال والانتفاض ضد دولة الماضي الإخوانية ذات التمكين، كانت أولى خطوات الثورة هي خلعها بكل ما فيها، واستمرت المراحل متتالية حتى جاءت أبريل لتعلن الانتقال نحو الديمقراطية الحقيقية وإرساء دعائم الواقع بأن التغيير فرض سلم به هذا الشعب.
القوانين الجائرة أولى بالخروج عليها وإقامة العدل بقوة الكلمة واليد وحتى السلاح، وهذا المبدأ يعكس فكرة أساسية في الفلسفة السياسية والقانونية، وهي أن القوانين التي تُعتبر جائرة أو غير عادلة تبرر المقاومة أو الخروج عليها. هذا المبدأ يرتكز على فكرة أن العدالة والإنصاف يجب أن يكونا أساسًا لأي نظام قانوني، وأن القوانين التي تتعارض مع هذه المبادئ تُفقد شرعيتها ويختل ميزانها.
ووفقًا لما تعارف عليه وتوافق عليه العامة وفي نظريات العقد الاجتماعي، فإن الحكومات تستمد شرعيتها من موافقة المحكومين. فإذا كانت القوانين تتعارض مع مصالح الشعب أو تنتهك حقوقهم الأساسية، حينها يُعتبر الخروج عليها مبررًا.
سوما المغربي



