تقرير: الأشاوس
دخل المقترح الأمريكي لإقرار هدنة إنسانية بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة بقيادة البرهان في بورتسودان مرحلة الجدية، بعدما دفعت واشنطن بمسودة اتفاق للطرفين لبحثها وإبداء الرأي بشأنها.
وعلى المستوى الرسمي في بورتسودان، أقر مجلس السيادة برئاسة البرهان على استحياء في اجتماع له المسودة، وسط تفسيرات لتصريحات المجلس بأنها رفض مبطن للتفاوض من جانب مؤيدي الخيار العسكري.
وتسربت إلى وسائل الإعلام، عبر قناة الشرق، نسخة من الوثيقة الأمريكية المقدمة للطرفين تحت عنوان: «هيكل إعلان مبادئ لهدنة إنسانية لكافة التراب السوداني»، وتشمل أربعة محاور رئيسية.
تؤكد المسودة على التمسك بسيادة السودان وسلامة أراضيه، وضرورة أن يكون أي توافق على الهدنة جزءًا من مسار حل دائم، لا مجرد استراحة مؤقتة. كما تقترح أن تلتزم القوتان الرئيسيتان، الجيش والدعم السريع، بحسن النوايا، مع وضع آليات لمراقبة أي خروقات محتملة.
وتتضمن المسودة تحديد مدة مبدئية للهدنة ثلاثة أشهر بموافقة مبدئية من الطرفين، وفق ما أعلنه مسؤول أمريكي، مع آليات لفصل القوات وتحديد خطوط الاشتباك القائمة. كما تشدد الوثيقة على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع المناطق المتضررة، وإنشاء لجنة تنسيق مستقلة للهدنة تكون مسؤولة عن رصد الانتهاكات وتقديم تقارير دورية.
ووفقًا لمعلومات متوفرة، فإن البرهان كان متمسكًا في البداية بعدم التفاوض مع الدعم السريع، لكنه خشي تداعيات الرفض أمام الضغوط الدولية، فطُرحت فكرة تأمين الحماية له من الولايات المتحدة خشية أن يُهاجَم من داخل معسكره الإسلامي المتشدد.
في المقابل، يُقال إن الدعم السريع متمسك بفكرة التفاوض فورًا، خصوصًا بعد إبدائه حسن النوايا واستجابته لجهود إيصال المساعدات، بينما رفضت بورتسودان السماح بدخول منظمات أممية وطردت مسؤولتين منها.
ويرى مراقبون أن القوى الدولية، لا سيما دول «الرباعية» (أمريكا، السعودية، الإمارات، مصر)، تنظر إلى موقف الدعم السريع بإيجابية، سواء باعتباره قوة مستقلة أو مكونًا في حكومة انتقالية، نظرًا لقدرته على تنفيذ إيصال المساعدات على الأرض.
ومن الناحية العسكرية، يتوقع بعض المحللين أن الجيش قد يوافق على الحد الأدنى من التهدئة التي تبدأ بالهدنة الإنسانية، خاصة أن الأوضاع العملياتية على الأرض لم تعد في صالحه بعد سقوط مدينة الفاشر وسيطرة الدعم السريع على معاقل مهمة في دارفور.
وقلّل الخبير الإعلامي يوسف موسى من تفسيرات البعض لتصريح مجلس السيادة بأنه رفض للهدنة الإنسانية، مشيرا الى ان الناطق الرسمي حاول القحام التعبئة العامة لحفظ ماء وجه البرهان الذي ظل يتمسك بخيار الحسم العسكري موضحًا أن الحديث عن التعبئة والاستنفار لا يعني رفض الهدنة، لأن الهدنة مسار مختلف تمامًا عن عمليات التدريب العسكري أو الدعوات للاستنفار.
وبيّن أن المحك الحقيقي هو الالتزام بإيصال المساعدات ووقف العدائيات، مشيرًا إلى أن اتفاقية مشابهة سابقة لم تمنع التدريب أو التجنيد أو الاستنفار، وأن أمر الهدنة سيكون واقعًا لا محالة وأن أي محاولة للعب بالألفاظ أو اللغة لا تعفيهم عن قبول خيار الهدنة.
أما المحلل السياسي يس محمد إسحاق فيرى أن تأخر البرهان في القبول قد يقوي موقف الدعم السريع، معتبرًا أن المقترحات الأمريكية عملية وواقعية، وقد تفتح مجالًا لتقريب وجهات النظر حول القضايا التفصيلية.



