الرئيسيهتقارير

رفضت قرار البرهان بالانقياد للجيش.. الحركات تحدي جديد .. من معركة كراسي الاستوزار إلى معركة البندقية !

في تطور لافت يعكس حجم التعقيد في المشهد السوداني، رفضت الحركات المسلحة الانصياع لقرار قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، القاضي بإخضاع جميع المليشيات المساندة للجيش تحت قيادته المباشرة. هذا الرفض لم يكن مجرد تحفظ عابر، بل بدا تحدياً معلناً لسلطة الجيش ورسالة واضحة بأن الحركات لم تعد تقبل أن تكون مجرد قوة تابعة.
فقد قالها احد قيادات الحركات بأن القرار لا يعنيهم ربما يعني كيكل والبراؤون وغيرهم الكتائب الإسلامية المساندة

القيادي إدريس لقمة، نائب أمين الشؤون الإنسانية بحركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، سارع بالتعليق عبر صفحته بالفيسبوك بأن قرار البرهان لا يشملهم. ولسان حاله يتحدث عن بقية حركات اتفاق جوبا لسلام السودان وأوضح أن علاقتهم بالجيش محكومة فقط ببنود الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاقيات، مضيفاً أن قوات المشتركة قادرة على إدارة أفرادها تحت قانونها الخاص، ما يعني تمسكهم بالاستقلالية ورفض الخضوع الكلي للجيش.

هذا الموقف يحمل أكثر من دلالة. فهو من جهة تحدٍ مباشر للبرهان في لحظة يسعى فيها لتوحيد القيادة العسكرية. ومن جهة أخرى يعكس رغبة الحركات في إعادة إنتاج معادلة القوة وعدم خسارة أوراقها التي مكنتها من فرض وجودها داخل السلطة. وفي جوهره، يمثل العصيان إشارة إلى أن معركة النفوذ لم تُحسم بعد، وأن الحركات ما زالت تقاتل سياسياً وعسكرياً لتثبيت موقعها.

انتصار اول ..

ويرى الخبير الاستراتيجي ايهاب محمد مادبو ، ان الحركات نجحت من قبل سياسيا والتمكن من تحقيق انتصار ملموس عبر الحصول على مناصب وزارية مؤثرة، رغم الرفض الشديد من حكومة كامل ادريس المسودة من الاسلاميين في بادئ الامر، أبرزها وزارة المالية. هذا المكسب منحها نفوذاً في مركز السلطة لم تحظ به من قبل، وكرّسها لاعباً رئيسياً لا يمكن تجاوزه. لكن الانتقال من الانتصار السياسي إلى العسكري يبقى التحدي الأصعب، إذ تسعى الحركات لإثبات أنها قادرة على الحفاظ على استقلالية قواتها كما حافظت على مقاعدها الوزارية.
ويضيف مادبو أن الحركات هنا تتحدث بثقة فهي لا ترى في درع السودان والبراء وبقية الكتائب سوا مليشيات مساندة على عكسهم لأنهم يقفوف على أرضية صلبة هي اتفاق جوبا لسلام السودان الذي يعتبرهم شركاء لا مستنفرين

تحدي أمام البرهان ..

في المقابل، يجد البرهان نفسه أمام معضلة حساسة. فإما أن يفرض قراراته بالقوة، ما قد يفتح الباب لمواجهات جديدة تهدد العاصمة ومناطق أخرى، أو أن يسعى إلى تسوية تحفظ للحركات بعض استقلالها وتبقي له اليد العليا رمزياً. ويرى المحلل اسماعيل عمر التوم انه ما بين الخيارين يظل احتمال التصعيد قائماً، خاصة بعد أمر إخلاء الخرطوم وما أثاره من توتر.
ويمضي اسماعيل في القول إن ما يجري ليس خلافاً إدارياً على قيادة قوات، بل صراع إرادات يحدد ملامح المستقبل السياسي والعسكري للسودان. وإذا كانت الحركات قد انتصرت في معركة الكراسي الوزارية، فإن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو: هل ستنجح في معركة البندقية وتفرض نفسها قوة مستقلة، أم ستخضع في النهاية لسلطة الجيش وتفقد ورقة استقلالها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى