
الحرب أضرت بالجهاز المصرفي في السودان وتعرض لعمليات تدمير كاملة
تدمير البنوك أخرج الكتلة النقدية كاملة من الجهاز المصرفي وتأثرت دارفور وكردفان
أسسنا الصندوق الاقتصادي الفدرالي كمؤسسة بديلة لبنك السودان المركزي، لكن…
لا يتوقع انخفاض سعر الدولار إلا بمعالجات ميكانيكية اقتصادية صعبة.
(الفلول) يشترون سلعنا بالنقود القديمة المخزنة!!
(…..)هذه آليات معالجة الوضع المعيشي
(……) هذه وصايا مهمة لوزير مالية تأسيس
فرص انخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية
في هذه المساحة نسلط الضوء على بعض أوجه الاختلالات الاقتصادية والمالية في البلاد بسبب تداعيات حرب ١٥ أبريل في قراءات مع الخبير الاقتصادي المعروف د. حافظ الزين، الأستاذ بعدد من الجامعات السودانية والخارجية.
(الأشاوس) وضعت الشواغل المعيشية وقضية تدهور سعر صرف الجنيه السوداني وأزمة السيولة والكتلة النقدية، وسبل تلافي مشكلة التحويل المصرفي والتجارة الخارجية، وغير من قضايا الراهن الاقتصادي أمام طاولة الخبير د. حافظ، فكانت الإفادات التالية:
اقتصاد معقد!
بدأ د. حافظ الزين حديثه بأن الاقتصاد يكون معقدًا عندما تكون هناك أزمة أو كارثة أو حرب، ونحن الآن انطبقت علينا الثلاث، واقتصاديات الحرب خطيرة للغاية، تؤثر في الاقتصاد النقدي والخدمي والاقتصاد الحقيقي والثروة والاستثمار، وتؤثر في المشروعات الاستثمارية الحقيقية والبنية التحتية والميزانية العامة المتعلقة بالميزان المالي، أي الموازنة العامة للدولة في الحرب، لأن الحرب تدمر البنية التحتية للصناعة والتجارة وبنية التبادل التجاري وبنية النقل.
هل تؤثر الأزمة على العمل التقليدي؟
يجيب د. حافظ بنعم ويضيف قائلاً: “نحن في السودان اقتصادنا تقليدي، والزراعة تقليدية بمنتوجات محددة، والاقتصاد الزراعي له شقان: الحيواني والنباتي. تطورات الحرب أثرت في القطاع الزراعي والإنتاجي والحيواني والنباتي بعد القرار السيادي بحظر التبادل التجاري مع مناطق الجيش ومع مصر، وهو أول قرار في تاريخ السودان يحظر التبادل التجاري مع مصر. مؤسسة الدعم السريع اتخذت القرار على مستوى الاستشارية بالمشاورة مع القائد، وأصبح قرارًا سياديًا.”
ولمعالجة هذا الوضع، أسسنا الصندوق الاقتصادي الفدرالي كمؤسسة بديلة لبنك السودان المركزي لتعمل في السياسات الاقتصادية بترتيباتها الأربعة، ونتيجة للمسؤولية ومجموعة من الأمور لم يحظَ بإنجاز لأعماله.
فوق ذلك كله، الحرب أضرت بالجهاز المصرفي في السودان، وتعرض لعمليات تدمير كاملة وعمليات نهب من مجهولين ألبسوهم أزياء الدعم السريع، وجميع الكتلة النقدية الموجودة داخل المصارف هربت وتلاشت تمامًا، وأصبحت بنية المصارف في السودان مدمرة كليًا ابتداءً من غرب السودان بكردفان ودارفور، وهي مناطق عدد سكانها لا يقل عن ٢١ مليون نسمة. هذا يعني أن الكتلة النقدية كاملة خرجت من الجهاز المصرفي، واقتصاديًا ذلك له تأثير كبير.
تأثيرات زيادة الكتلة النقدية..
يوضح د. حافظ أن هناك نظرية تقول: كلما زادت الكتلة النقدية المتداولة في المجتمع، زاد معدل التضخم. فتلاحظ أسعار السلع الرئيسية والخدمات ارتفعت جدًا في المدن الكبيرة والقرى الصغيرة، والزيادة مستمرة، مما يسبب رعبًا وخوفًا للناس العاديين وقطاع الأعمال ومن كانوا ينوون الهجرة. ارتفع الدولار منذ بداية الحرب ويواصل الصعود حتى وصل إلى 3–4 آلاف جنيه، فيما يسمى بالدولرة، أي أن الناس تتخلى عن العملة المحلية وتتجه للعملة القيادية، وأولها الدولار، ويرتفع الطلب عليه مما يؤدي إلى زيادة الأسعار. هذا الوضع سيستمر بفعل اللجوء وغيره، ويفقد العملة المحلية قيمتها، والاحتفاظ بها يجعلها أوراقًا بلا قيمة، وبالتالي تدخل في عملية دولرة.
فرص انخفاض سعر صرف الدولار
يقطع د. حافظ بالقول إنه لا يتوقع انخفاض سعر الدولار إلا بمعالجات ميكانيكية اقتصادية صعبة جدًا. لذلك لا بد من إنشاء مؤسسة نقدية مركزية (بنك مركزي) أو أي اسم آخر، وتأسيس مجموعة بنوك كخطوة أولى وأساسية لاستعادة الكتلة النقدية، وإرجاعها للقطاع المصرفي خلال ٤٥ يومًا.
تغيير العملة ..
يرى د. حافظ أن وجوب تغيير العملة أمر ضروري، ويجب أن يصدر قرار من رئيس الوزراء أو المجلس الرئاسي لتغيير العملة الموجودة في مناطقنا، لأن العملة الحالية تتعرض للتزوير، وثانيًا الكيزان والفلول عندما قاموا بتغيير العملة جمعوا عملتنا الحالية ولم يتم حرقها، ولديهم عملاء وجواسيس، والطوابير في مناطقنا تحول إليهم العملة بصورة خفية ليشتروا الموارد ويعيدوا تصديرها لتمويل الحرب. وبالتالي، الكتلة النقدية الهائلة الموجودة في مناطقنا حقيقية، وحتى قبل الحرب كانت موجودة خارج الجهاز المصرفي.
هل يؤثر تعداد السكان الموجود في مناطق السيطرة؟
يقول د. حافظ: “نعم، تعداد السكان حسب البنك الدولي لعام ٢٠٢٥ حوالي ٥٠ مليون نسمة، مؤكّد أن ٢٦ مليون منهم موجود في مناطق سيطرة الدعم السريع، والموارد الاقتصادية والمالية في السودان والعالم متركزة في إقليمي كردفان ودارفور. الكتلة النقدية المحركة للموارد موجودة نتيجة هذه الموارد في الإقليمين، فيما يعرف بالاكتناز. هناك ملامح ثراء نسبي ونعمة موجودة في مناطقنا، وتغير الطبقة الاجتماعية حيث أصبح بعض الفقراء أغنياء والعكس.”
التحكم في العملة وسعر الصرف!
يشير د. حافظ إلى أن مسألة الكتلة النقدية والتحكم في العملة وسعر الصرف خطيرة، وتستدعي من حكومة التأسيس اتخاذ خطوات استراتيجية لاستعادة الكتلة النقدية، وإصدار عملة جديدة.
ويتابع: “إذا تركت العملة القديمة، سيستمر الكيزان في تزويرها. تكلفة طباعة عملة جديدة عالية، فقبل الحرب كانت ٨٠٠ مليون دولار في دول مثل روسيا وسلوفينيا، وهذه الأموال يمكن استخدامها لإنشاء ١٠٠ ألف مشروع صغير مخصص للشعب. هذه المشكلة سبق وواجهها وزير المالية الأسبق، إبراهيم البدوي.”
وصايا لوزير مالية تأسيس ..
الآن، وزير مالية التأسيس يجب أن ينتبه لمسألة طباعة العملة، وهي مسألة سيادية، ولتطبع يجب أن يكون هناك خطاب نقدي يقوم على ثلاث محاور: الاحتياطي أو المعادلة. القواعد المعروفة للطباعة تتطلب وجود قدر من الذهب والتراكم الرأسمالي الاحتياطي من العملات القيادية الأربعة، وهذه غير موجودة، ولديك ناتج محلي إجمالي حقيقي لا يمكن تقييمه حاليًا بسبب غياب المركز القومي للإحصاء.
آليات معالجة الوضع المعيشي..
أصبح الوضع المعيشي صعبًا جدًا، ويعالج بشراكتين: الأولى بين المؤسسات المعنية بالتغطية والحماية الاجتماعية لشرائح الدخل المحدود والثابت، والثانية مع الأجهزة السيادية ومنظمات وطنية وأجنبية في الإقليم. تشمل الشراكات جمع البيانات حول النازحين واللاجئين ومن فقدوا وظائفهم والمتضررين نفسيًا وجسديًا، وفقًا لإحصاءات شاملة تعتمدها الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتخصيص التمويل المناسب لهذه البرامج.