الرئيسيهحوارات

عضو الهيئة القيادية لتحالف تأسيس مصطفى باخت في حوار مع (الاشاوس) ٢_٢

تحالف التأسيس إرادة سودانية خاطبت جذور الأزمة التاريخية

مصداقية حميدتي والتقاء الخصوم حول مشروع وطني جامع كان عامل مهم للنجاح

(تاسيس) ولادة مبادئ فوق دستورية لأول مرة في تاريخ السودان

نعم العلمانية شكلت هواجس للبعض و(…..) هذا الفهم قرب مسافات فهمها

انضمام الحلو وحزب الأمة أعطى شرعية إضافية للتحالف واقول (….) في الشاب ابراهيم الميرغني

الحكومة الوليدة ستكون خطوة حاسمة لانتزاع الدولة من قبضة الإخوان المسلمين

لا بد أن لهذا التلاقي الكبير في التأسيس عاملًا مهمًا؟

أعتقد أن المشتركات جعلت الناس تتعارف في تحالف التأسيس، وبشكل أساسي هي مصداقية قائد الدعم السريع. هذا الرجل يختلف الناس حول المؤسسات، ويختلف طرفا النقيض في شيء، لكنهم يتفقون حول مصداقيته. لأن ما قبل الحرب – وهي فُرضت عليه – والجميع يعلم أنها فُرضت عليه، ليس باعتباره دعمًا سريعًا، بل لأنه هو الذي يشكل مركز القوى القادر على كسر شوكة الإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني الراغبين في قطع عملية التحول الديمقراطي، وبالتالي أشعلوا الحرب ضده. لكن المعني هو معسكر التحول المدني الديمقراطي وليس الدعم السريع في شخصه. هذه تعارف الجميع عليها، وتكاملت الإرادة في نيروبي منذ العام ٢٠٢٥. الناس استطاعت، بعد تحديات كبيرة وتفاهمات عالية، أن تثبت مرجعيات أساسية تعبر عن الدولة. لأول مرة في تاريخ الدولة السودانية يقر الناس مرجعيات أو مبادئ فوق دستورية، وتوضع أهداف تخاطب جذور الأزمة التاريخية، وهي في الأصل مصنع الأزمات التي تنتج من خلال احتكار العنف وشرعنته، ومن ثم إنتاج الأزمات الفاسدة.

كأنما تريد أن تقول إن أهم ميزة في هذا الائتلاف عن سابقاته من الائتلافات السياسية السابقة؟

بالطبع، لأنه ائتلاف وُلد بإرادة كاملة، وعالج جذور الأزمة التاريخية دون النظر إلى المصالح، بقدر ما نظر إلى مصير الشعب السوداني كله، وصمم على وحدة أبناء الشعب السوداني وخلق واقع جديد. هذا الواقع الجديد فيه استلهام لتجارب دول حققت نجاحات، وقطعت الطريق أمام النزاعات والانقلابات للوصول إلى السلطة. بهذا الشكل، الجميع تعارف على ذلك. وكل الناس في تحالف السودان التأسيسي راغبون في عملية إيقاف الحرب وتحقيق عملية السلام المستدام، في ظل إيجاد الدولة غير المنحازة التي تعبر عن الجميع. هذا تم التوصل إليه بقناعة تامة، لأنه بوعي الجميع اتفقوا على ذلك. أقول إن الدولة السودانية وُلدت ناقصة التكوين القومي، إن لم يكن معدومًا. التكوين القومي وُلد مشوهًا تمامًا بامتياز، وهذا أدى إلى الاختلافات التاريخية التي صاحبت بناء الدولة وتأسيسها، وهو الذي أدى إلى الفشل في إدارة التنوع والتعدد والموارد، وهو أساس المظالم التاريخية.

الإقصاء للآخر ظل سلوكًا للإسلاميين؟

نعم. عقلية الذين ساسوا هذه الدولة، والنخب التي تعاقبت عليها، حتى وصلنا إلى النظام الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الإنسانية، وهو نظام المؤتمر الوطني. أفتكر أن هذه عقلية إلغائية إقصائية استعلائية لا يختلف عليها اثنان. أي شخص ينظر إلى هذا الواقع بأثر رجعي يجد أن هذا الكلام بني على التجارب والشواهد والمعطيات التي أكدت هذه المسألة. وأي شخص راغب في أن يكون هناك سودان جديد يقوم على أسس جديدة ويعبر عن السودانيين ويعزز سيادة السودانيين لأنفسهم، سيجد ذلك في المرجعيات التي كتبت في تحالف السودان التأسيسي.

العلمانية كانت نقطة تباين في الآراء دار حولها لغط كثيف؟

العلمانية كانت تابين لكن الجميع تاكد باننا نتحدث عن علمانية الدولة وليس الأفراد

فعلا، العلمانية كانت نقطة تم التوافق حولها. لكن الجميع أدرك أن الإخوان المسلمين روجوا لها بأنها كفر وإلحاد وغيره، وفسروها في غير معناها ومحتواها بغرض إحكام قبضتهم على يد الشعب السوداني، لأن الغالبية من أبناء الشعب السوداني مسلمون. بالتالي نحن نتحدث عن علمانية الدولة وليس الأفراد. النماذج أثبتت أن الدول التي تبنت هذا الشكل من الممارسة والوسائل للحكم حققت نجاحات، وخاطبت الغايات النبيلة لأبناء شعبها بواسطة هذه الوسيلة، وهي اللامركزية. انظر إلى كل الدول التي تبنت العلمانية، كيف أنها نهضت بل احترمت حقوق التعبير والتعليم والصحة للمواطن. الآن، الإخوان المسلمون للأسف يتحدثون عن أن المواطنة أساس للحقوق والواجبات، لكن ذلك يكتب فقط على الورق ولا يُنفذ. علمانية الدولة لا تعني علمانية الأفراد، والنظام الذي تم إقراره هو نظام فدرالي لا مركزي.

احكِ لنا من الكواليس، كيف حدث تبديد مخاوف المتخوفين من العلمانية؟

أولًا، إرادة الناس كانت حاضرة بسبب التجارب السابقة القاسية التي مورست في حق أبناء الشعب السوداني.

لكن أنت كأحد من أبناء دارفور المعروفة بتاريخها الإسلامي، مؤكد تكون قد تخوفت؟

هذه مجرد هواجس. لا أحد يستطيع أن يقول لك: لا تدخل المسجد. البلدان التي يسود فيها مناخ العلمانية تجد فيها المساجد والمآذن والكنائس، وكل يمارس حريته. الإسلام لم يأتِ بالسيف ولا بالأرغام، حتى الجهاد الذي يتحدثون عنه لم يأتِ هجومًا وإنما دفاعًا: {أُذِن للذين يقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير}. هذه الآية يستغلها المتطفلون. الجهاد أُحل دفاعًا لا هجومًا. في عهد الرسول ﷺ وُجد عبدة الشمس والبوذي والهندوسي والوثني والمسلم. كل هؤلاء كانوا موجودين. فمن أين جاء الإسلام المتطرف الذي يفرض الجهاد بالسيف ويُكره الناس على ترك دياناتهم؟ ربنا خاطب الرسول بقوله: {لكم دينكم ولي دين}. نحن لا نتحدث في الجانب العقدي بالطريقة المؤدلجة الإقصائية، بل نتحدث عن علمانية الدولة التي تقف على مسافة واحدة بين الناس ولا تتدخل، وتضمن التسامح الديني واحترام الثقافات وحركة الناس. هذه واحدة من الوسائل التي تم الإقرار عليها بعد عصف ذهني كبير. بالنسبة للحركة الشعبية، فهي برنامج أصيل، أما بقية المكونات فبعضها كان متفقًا وبعضها متحفظًا، لكن لم يقف أحد عند هذه النقطة.

على ذكر الحركة الشعبية، انضمام عبد العزيز الحلو شكل قيمة إضافية كبيرة للتحالف؟

بلا شك، انضمام الرفيق الحلو شكل قيمة كبيرة للتحالف. أحييه وأحيي كل الرفاق في الحركة الشعبية. سادت روح عالية وثقة منقطعة النظير. وأقول لك بكل أمانة: كان الدعم السريع في نظر الحركة الشعبية عدوًا في الماضي، لكن المصداقية والتجربة غيرت ذلك. لأول مرة عبد العزيز الحلو ينادي حميدتي بالرفيق في احتفال علني ومفتوح. الحركة الشعبية اليوم إضافة كبيرة للنضال السوداني، وهي أحد المكونات التي أضافت شرعية للتحالف لا ينكرها أحد. هؤلاء لهم تجارب نضال طويلة، واستلهموا تجارب الغير، وأصبحوا جزءًا أصيلًا من التحالف وصانعين لتاريخ إعادة تأسيس الدولة السودانية.

في الجانب الآخر، مشاركة أكبر حزب هو حزب الأمة القومي في هذا التحالف؟

حزب الأمة له دور كبير جدًا. من هنا التحية لعمنا الفريق فضل الله برمة ناصر، الذي أنظر إليه كأب ملهم تاريخي لهذا التحالف. قدم عطاءً كبيرًا بإرادة قوية رغم التحديات، وصمد معنا، وهو من الناس الذين وضعوا اللبنات الأساسية لبناء السودان على أسس جديدة.

ظهور الشاب المملوء حيوية إبراهيم الميرغني كانت نقطة اندهاش؟

فعلا، كان ظهوره نقطة اندهاش كبيرة جدًا، وفتح الباب لآخرين. كان هناك ترويج كبير يصف المشروع بالانفصالي، لكن إيمان أبناء الشعب السوداني الذين اجتمعوا في نيروبي أكد أن هذا المشروع وحدوي، سيقطع الطريق أمام تقسيم الوطن، وسيؤسس لدولة واحدة موحدة يسع ظلها الجميع التحية والتقدير لهذا الشاب الواعي، كذلك المناضل أسامة سعيد، ومبارك مبروك سليم، وفارس النور، وكل الرفاق في الحركة الشعبية، لهم الاحترام الكبير على إنجازاتهم العظيمة في ظل تحديات كبرى.

المحاصصات كانت نقطة توقف؟

في الوضع الحالي، حاول الناس قدر الإمكان أن يوجدوا الدولة ويبنوا المؤسسات. قد ينظر إليها البعض كمحاصصات، لكن نظرتنا الأساسية لها هي خلق توازن سوداني متكامل يؤسس لعملية مشاركة فعلية من كل أبناء الشعب. هذه المرحلة الانتقالية تتطلب أن يرى الجميع أنفسهم ممثلين في مؤسسات الدولة بشكل عادل، مع مراعاة الجغرافيا ومكونات الشعب كافة.

وأنت توقع على الميثاق التأسيسي.. هل توقعت أن تشاهد حكومة عيانًا بيانًا على الأرض في نيالا أو غيرها؟

نعم، كنت أتوقع هذه الحكومة، حكومة لكل السودانيين. من أساسيات التوافق أن نفك الارتباط ونمضي في وسيلة جادة لمخاطبة قضايا الشعب، وكان القرار السياسي الجاد هو تشكيل الحكومة.

ما توصلتم إليه في تحالف تأسيس اليوم من اختراق كبير.. هل يمكن أن يكون لفتة نظر لـ(تقدم)؟

حكومة التأسيس إنجاز تاريخي عظيم لأبناء الشعب السوداني في ظل ظروف صعبة، لتحقيق الغايات النبيلة. نمد يدنا للرفاق في صمود ونقول مرحبًا بكم في أي لحظة للحاق بركب التغيير الجذري في الدولة السودانية.

في ظل ما يحدث الآن، هل يمكن أن يتذكروا كيف أنهم تقاعسوا عن نداء الوطن؟

أنا متأكد تمامًا أنهم الآن يتساءلون ويجدون الإجابات بأنهم أساؤوا التقدير وأخطأوا في ترتيب أولويات التعامل مع قضايا الوطن المصيرية.

كيف استقبلت نبأ أداء رئيس المجلس الرئاسي ونائبه والأعضاء القسم ومن بعد ذلك رئيس الوزراء؟

كأنني ولدت من جديد. هذا انتصار لتضحيات الشهداء الأبرار. إذا وُجد قائد ملهم للدولة السودانية يعبر عن الوطن ويملك وطنية حقيقية، فإن أمثال هؤلاء القادة والأشاوس يجب أن يُدخروا لقوة دفاع السودان، لا للنزاعات الداخلية. الاختلال التاريخي الذي لازم مؤسسة الجيش هو أنها لم تستطع أن تحافظ على الطاقات البشرية السودانية، ولم توجه بندقيتها لغزو خارجي، بل وجهتها ضد أبناء الشعب. اليوم جاء وقت الاستفادة من هذه الطاقات في خدمة الوطن.

كيف تنظر إلى الحديث أن ما تحقق اليوم هو عنوان بارز لانفصال جديد؟

تقديرات خاطئة. إذا كانت صمود أو أي جهة أخرى، فالرفاق يعرفون جيدًا من الخلفيات المشتركة بيننا أننا لسنا انفصاليين. لكن العجز والخمول الذي أصاب (تقدم) جعل قوى الشر تستمد قوتها وتطيل أمد الأزمات السودانية.

هل تتوقع أن تمضي هذه الحكومة قدمًا؟

أكيد. هذه الحكومة وجدت تأييدًا كبيرًا جدًا من أبناء الشعب السوداني، وسوف تجد تأييدًا منقطع النظير. كأمر واقع، ستساهم في التحول المدني الديمقراطي، وانتزاع الدولة ومؤسساتها من قبضة الإخوان المسلمين، وستقطع الطريق أمام البندقية وإلى الأبد إن شاء الله، وأمام الحرب كذلك.

كلمة أخيرة؟

أشكركم شكرًا جزيلًا، وعبركم أحيي الشعب السوداني، وأشكر الأشاوس الأشرف منا جميعًا – الشهداء الأبرار. وأقول إن الثورة مستمرة، والنصر أكيد إن شاء الله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى