الرئيسيهتقاريرسوما المغربي

“رسائل أميركية واضحة للبرهان” الاستجابة للمفاوضات أم العقوبات

تقرير سوما المغربي

رسائل من الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات مسبقة على البرهان هذه العقوبات هي التي تعوق حركته لتكون في إطار مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في إجتماعها السنوي وهذه إشارة للبرهان وحكومته انه غير مرغوب بهم وفق القرار الصادر من الخزانة الأميركية. البرهان يفترض ان يعي هذا الإجراء الأمريكي باعتبار أن البشير من قبل رفض له حتى الإستثناء الذي يسمح له بالدخول إلى مقر الأمم المتحدة، وهذا أخف الأضرار وعلى البرهان أن يعي ذلك جيدا وأن الإجتماع المقبل إذا لم يحدث تحرك إيجابي سيكون مصيره مصير البشير ورفض الدخول له تماما حتى لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، كل ذلك تأكيد على أن أميركا حتى الآن تتعامل مع البرهان بسياسة الباب المفتوح ليستجيب لرغبتها في عملية قيادة منبر تفاوضي جاد بين الطرفين لتحقيق سلام السودان.

_ البرهان تحت الضغط الأمريكي عقوبات وتهديدات أممية.
تشير التطورات الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أرسلت رسائل سياسية واضحة لحكومة البرهان، من خلال فرض عقوبات مسبقة ثم تقيد تحركه الدولي، وعلى رأسها الحد من مشاركته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما يُفهم منه أن البرهان غير مرحب به دوليًا في ظل الوضع الراهن، وفقًا لقرار وزارة الخزانة الأميركية.
هذا الموقف يُعد بمثابة تحذير مبكر، على البرهان أن يلتقط رسالته جيدًا، خاصة أن الرئيس السابق عمر البشير واجه وضعًا مشابهًا حين مُنع حتى من الاستثناء الذي يسمح بحضور اجتماعات الأمم المتحدة. وبرغم أن الإجراء الحالي يُعد أقل حدة، إلا أنه ينذر بمزيد من العزلة الدولية إذا لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة نحو السلام.
أميركا، رغم تحفظاتها، لا تزال تمارس سياسة “الباب المفتوح”، في محاولة لدفع البرهان إلى الانخراط في عملية تفاوض حقيقية، وقيادة منبر يُفضي إلى تسوية سلمية للصراع السوداني. لكن استمرار التعنت، أو تجاهل هذه الرسائل، قد يؤدي إلى تصعيد دبلوماسي أكبر، وربما حظر كامل على المشاركة في الفعاليات الدولية مستقبلاً.

_ إنعكاسات على الوضع السياسي
القرار الأمريكي بتقييد تحركات البرهان والوفد المرافق له في نيويورك داخل دائرة قطرها 25 ميلاً، يحمل أبعادًا سياسية واضحة تتجاوز مجرد الإجراءات البروتوكولية.
هذا الإجراء يُعد رسالة مباشرة من واشنطن بأن البرهان أصبح فعليًا غير مرحب به، لكن دخول الولايات المتحدة لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يبقى ملزمًا بقانون دولي يُجبرها على السماح بمشاركته “وهو ما حدث مع عمر البشير سابقًا”، ورغم وضعه تحت لائحة العقوبات فالولايات المتحدة اختارت الحد الأدنى من التعامل الدبلوماسي، دون أن تكسر التزاماتها الدولية لكنها في الوقت نفسه، أرسلت رسالة قاسية مفادها أن البرهان لم يعد شريكًا ذا مصداقية في ملف السودان، وأنه بات أقرب للعزلة الدولية، في حال استمراره في تعطيل مسارات السلام، وتسير مآلات هذا الوضع إلى عدة مؤشرات منها:
تضييق دبلوماسي متصاعد قد يؤدي إلى فرض مزيد من العقوبات.
تقليل فرص الاعتراف الدولي بحكومته كممثل شرعي للسودان.
انتقال الدعم الدولي إلى قوى بديلة منخرطة في عملية سياسية أو تفاوضية.
تزايد الضغط الداخلي عليه بعد تراجع حضوره الخارجي وانكشافه دوليًا.
البرهان اليوم، إن لم يقرأ الإشارات الأمريكية جيدًا، فسيجد نفسه في عزلة كاملة، فالتحذير واضح أن الباب لا يزال مواربًا، لكن لن يُترك مفتوحًا طويلاً.

_ رسائل إما المفاوضات أو العقوبات.
الولايات المتحدة الأمريكية فرضت من قبل عقوبات على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والقصف العشوائي للبنية التحتية المدنية وأستخدام الأسلحة الكيميائية.هذه الخطوة تأتي في إطار الضغط للوصول إلى حل سلمي.
رفض البرهان وحكومته المشاركة في جميع منابر السلام الدولية، بدءًا من محادثات جدة، ومرورًا بلقاءات المنامة، وانتهاءً بمبادرات جنيف يعكس اتجاهًا واضحًا لرفض الحلول السياسية التفاوضية، والاعتماد بدلاً من ذلك على المسار العسكري كخيار وحيد كما صرح بذلك هو قادته.
هذا الموقف خلق حالة من الجمود الإقليمي والدولي، وأضعف ثقة المجتمع الدولي في قدرة هذه الحكومة على الالتزام بأي تسوية سلمية. جدة كانت تُعتبر الفرصة الأخيرة لإحداث اختراق تفاوضي، لكن الانسحاب والتعنت قوّض تلك الجهود. أما المنامة وجنيف، فمثّلتا محاولات أوروبية وخليجية لإعادة الأطراف إلى الطاولة، إلا أن غياب حكومة البرهان أرسل رسالة سلبية للعالم.، رد فعل المجتمع الدولي لم يتأخر؛ إذ أصبح واضحًا أن البرهان بات يُنظر إليه كطرف غير ملتزم بالسلام. هذا تسبب في تراجع كبير في الدعم السياسي والاقتصادي، وظهر ذلك من خلال تجميد بعض المساعدات، وفرض قيود على تحركاته الدولية، إضافة إلى ازدياد الضغط الدبلوماسي عبر القنوات الأممية والأفريقية.
النتيجة أن حكومة البرهان اليوم تقف معزولة دوليًا، في وقت بات فيه المجتمع الدولي يُراهن على قبول حكومة تأسيس وقوى مدنية وقوات أخرى أكثر انفتاحًا على السلام، وأكثر استعدادًا لتقديم تنازلات تُفضي إلى إنهاء الحرب. فالرسالة الدولية باتت واضحة أن لا مكان في المستقبل السياسي للسودان لمن يرفض الحوار، ويتجاهل الدعوات لحل شامل يُعيد الاستقرار للبلاد.

_محللين وخبراء
يرى عدد من المحللين السياسيين والخبراء في الشؤون الدولية أن القرار الأميركي بتقييد تحركات البرهان يعكس تحولًا واضحًا في موقف واشنطن تجاهه، ويُعد بمثابة إنذار دبلوماسي مبكر يشبه ما واجهه الرئيس السابق عمر البشير قبل سقوطه.
ويرى المحلل السياسي محمد أحمد موسى أن ذلك إشارة لعزلة سياسية متزايدة ويقول: “يعتبر واشنطن بدأت فعليًا سحب الغطاء الدولي عن البرهان، وتُهيئ الساحة لبدائل أكثر قابلية للتعاون والتفاوض، كما هذا يعد تحرك تمهيدي لعقوبات أوسع وان هذا التضييق يعد كخطوة ضمن مسار تصعيد تدريجي، قد يتطور إلى عقوبات أشمل تشمل أفرادًا ومؤسسات ترتبط بالقيادة العسكرية الحالية.
ويضيف قائلا ” أن أميركا فقدت الأمل في قدرة البرهان على قيادة تسوية سياسية شاملة، خاصة بعد رفضه المتكرر لكل منابر السلام، ما جعله عبئًا على المجتمع الدولي لا شريكًا”.
بعض الدبلوماسيين يعتبرون أن واشنطن التزمت بالحد الأدنى من القانون الدولي بالسماح للبرهان بالدخول للمشاركة في الجمعية العامة، لكنها في الوقت ذاته أوصلت رسالة حاسمة مفادها:” أنت مراقب ومرفوض”.

_ خاتمة
تجتمع الآراء على أن البرهان يواجه أضعف لحظاته دوليًا، وأن نافذة الفرص أمامه بدأت تُغلق ما لم يُقدم على تحرك جاد نحو حل سياسي شامل، هذه اللحظة تتطلب من البرهان وحكومته قراءة دقيقة للمشهد الدولي، والخروج من سيطرة التيار الإسلامي الرافض لوقف الحرب، ومن ثم فهم أن الشرعية اليوم تُكتسب من الفعل السياسي المسؤول، لا من القوة العسكرية وحدها، وأن المجتمع الدولي بات يربط مستقبل السودان بقيادته لمسار حقيقي نحو السلام والتحول المدني الشامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى