مكي حمد الله يكتب: رسالة للتُجّار وأصحاب تحويلات تطبيق بنكك BOK

الكل عانى من الحرب بدرجات متفاوتة؛ فبعضهم فقد أرواح أعز الناس إليه — أسرة بأكملها — وبعضهم فقد بيته وممتلكاته وعمله، وبعضهم الآخر يتيه في فيافي الصحراء والغابات وسهولها هربًا من أجل البحث عن ملاذ آمن. وغالبية الشعب السوداني في الولايات التي أصابها الحرب أصبح متشردًا بين نازح ولاجئ في البلاد المجاورة أو في بلاد العمّ سام. وبعضهم التهمه الحوت في المتوسط فأصبح جزءًا من طعام التونة والسردين التي تُباع في المطاعم والدكاكين والسوبر ماركت. وهناك حالات أخرى لا يمكن سردها في هذا المقال. شاهدنا أن عاقبة الحرب هي التي فعلت بنا أو أوصلتنا إلى مهاوي الردى.
هناك ظاهرة «استغلال مادي» لم تكن موجودة من قبل في أدبيات السودانيين، لكنها ظهرت بعد الحرب، وقد تكون هذه ضمن الأقنعة المزيفة لدى الشعب السوداني المعروف بـ «إغاثة الملهوف، الكرم، النبل…» من الصفات التي كشفتها الحرب!
الملاحظ أن كثيرًا من التجار، الذين يمتلكون الكاش ويتعاملون بتطبيق بنكك في حدود إقليم دارفور، يستغلون أصحاب الحاجات استغلالًا أقوى مما تحدثه آلة الحرب ذاتها!
تؤكد الشواهد والمعاملات المالية على الأرض أن التجار يأخذون عمولة قدرها «18%» لكل 100,000 جنيه. وبعضهم يوعدك بالحضور في اليوم التالي، وعند حضورك يتعامل معك بابتزاز رخيص، حيث يطلب منك أن تأخذ ما تريد من بضاعته مقابل أموالك لأنّه لا يملك كاشًا، ويُجبرك على الانتظار إلى أجل غير مسمى!
هل يعلم هذا التاجر لأي أغراض أُرسلت هذه الأموال؟
هل يعلم إن كانت لأجل علاج ينقذ روح بني آدم يرقد على فراش الموت أم لغرض آخر؟
لماذا يتعامل هؤلاء التجار هكذا؟ ما الذي أصاب الأمة؟ قل لي بربك: أليست حرب الابتزاز هذه أشد إيلامًا من غيرها؟
ألا يتوقع هذا المحتكر والمبتز أن يفارق الدنيا في أقل من لمحة بصر بسبب طلقة طائشة؛ وعندها لن تشفع له أمواله التي كنزها بغير حق؟
أليس هذا قتلًا للضمير الإنساني؟ لماذا هذا الاستغلال والابتزاز المهين؟ ألا يعلم هؤلاء أن من يرسلون هذه الأموال يسهرون الليالي والنهار من أجل توفير هذه المبالغ لذويهم؟ هل يعلم التجار أن أصحاب هذه الأموال يمرون بأكثر من عملية ابتزاز حتى تصل إليهم عبر بنك