الرئيسيهمقالات

التعليم والمعلم أساس النهضة والرقي في بناء وتأسيس الدولة

بقلم: علي الماحي

يُعدّ التعليم الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الأمم، وهو الطريق الأسمى لتحقيق الاستقرار والرقي والتطور الحضاري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. فالتعليم ليس مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هو مشروع وطني شامل لبناء الإنسان وصناعة الأجيال القادرة على النهوض بالبلاد والدفاع عن مكتسباتها وتحقيق التنمية المستدامة في كل المجالات.

إنّ على حكومة تأسيس أن تولي اهتمامًا بالغًا بقضايا التعليم والمعلم والبيئة التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وأن تجعل من تطوير التعليم أولوية وطنية قصوى. فالمعلم هو حجر الزاوية في عملية التغيير والإصلاح، وهو الذي يحمل رسالة النور إلى العقول، ويغرس في النفوس قيم الوطنية والوعي والمسؤولية. لذلك فإنّ تأهيل المعلم ورفع كفاءته وتحصينه من التجاذبات السياسية والحزبية ضرورة ملحّة لضمان أداء رسالته التربوية بصدق وتجرد، بعيدًا عن المصالح الضيقة أو الأجندات الخاصة.

لقد أثبتت التجارب في العالم أنّ الأمم لا تنهض إلا حين تُكرم معلميها وتُحسن أوضاعهم، لأنّ التعليم هو الأساس الذي تقوم عليه كل نهضة بشرية. وفي السودان، وعلى امتداد أكثر من سبعين عامًا، ظلّ المعلم يعاني من ضعف الإمكانات وقلة التقدير وسوء البيئة التعليمية المحيطة به، سواء من حيث البنية التحتية للمدارس أو من حيث ظروفه المعيشية والمهنية. هذه المعاناة المتراكمة أثّرت على جودة التعليم وأضعفت دوره في بناء الإنسان والمجتمع.

إنّ التعليم هو السبيل الأمثل لمحاربة الجهل وخفض نسب الأمية والجريمة، وهو الوسيلة التي ترفع وعي المواطن وتمنحه القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وتجعله شريكًا فاعلًا في بناء وطنه. فحين يتفشّى الجهل، تزداد الجريمة، وتضعف القيم، وتتعطّل عجلة التنمية. لذلك فإنّ الاهتمام بالتعليم ليس ترفًا، بل هو ضرورة وطنية وأمنية واقتصادية.

وعلى جميع أعضاء المجلس الرئاسي أن يجعلوا قضية التعليم في مقدمة اهتماماتهم، وأن يعملوا بجدّ على تهيئة البيئة المناسبة للمعلمين والطلاب في المدن والقرى والفرقان على حدٍّ سواء، من خلال بناء المدارس، وتوفير الوسائل التعليمية الحديثة، وتحسين ظروف العمل، وتوسيع فرص التدريب والتأهيل. فالتعليم لا يزدهر إلا في بيئة تحترم المعلم وتقدّر مكانته وتمنحه الثقة والمسؤولية.

كما يجب دعم المنظمات والمؤسسات التعليمية والاجتماعية والثقافية التي تسهم في ترسيخ قيم التعليم والوعي في المجتمع، وتعمل على محاربة الأمية ونشر الثقافة والمعرفة بين فئات الشعب المختلفة. فهذه المؤسسات تُعدّ شريكًا مهمًا للدولة في بناء قاعدة تعليمية متينة تمتد إلى أبعد القرى والفرقان، وتمنح أبناء الوطن فرصًا متكافئة للتعلم والنهوض.

إنّ الاهتمام بالمعلم والتعليم هو الطريق الحقيقي لبناء وطن مستقر ومتطور، قادر على مواجهة تحديات العصر، وتحقيق نهضة فكرية وثقافية واقتصادية شاملة تُعيد للسودان مكانته بين الأمم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى