الرئيسيهتقارير

الفردوس بشرق دارفور.. جنة يسكنها التعايش والتلاحم (١)

الأهالي يحاربون آفة الطيور بجهد شعبي وينقذون المحاصيل

الكساد يخيم على الأسواق.. والفول السوداني بلا مشترٍ!

فريق الاشاوس

الفردوس بشرق دارفور كانت زيارة مختلفة في تفاصيلها الكثيرة. المواطن هناك لا ينتظر الحكومة لمجابهة الكوارث، وقد كانت مكافحة الطيور عنوانًا بارزًا للجهد الشعبي المنظم.
مدينة الفردوس يسكنها كل أطياف السودان؛ إذ تعيش فيها أكثر من ٤٨ قبيلة في كنفٍ واحد دون أي تمييز سلبي، حتى الجنوبيون السابقون أصبحوا مواطنين بحكم العرف الأهلي.

ورغم عراقة المدينة، إلا أنها تعاني من الإهمال الواضح؛ فالمرافق الصحية الحكومية لا تفي بحاجة السكان ووحداتهم الإدارية. أما في مجال التعليم، فقد تجاوز الأهالي مرحلة انتظار الدولة، وأعلنوا عن مبادرة فريدة أسفرت عن إنشاء مدارس جديدة، بينها مدارس ثانوية، بجهود مجتمعية خالصة.

من المفارقات اللافتة أن عربة تابعة لقوات الدعم السريع تجوب أرجاء المدينة، بينما تفتقر المحلية لأي سيارة خدمية، حتى المدير التنفيذي يتنقل سيرًا على الأقدام!
أما التهريب فهو معضلة مستمرة، خصوصًا وأن المدينة تقع في منطقة حدودية، لكن ضعف التسليح وغياب مظاهر السلطة يجعل مكافحته شبه مستحيلة.

السوق.. المحطة الأولى

يقول التاجر إسماعيل الصادق الفاضل، أحد أعيان مدينة الفردوس:

الحركة في السوق كبيرة رغم هبوط الأسعار. الدخن سعره ثلاثة آلاف جنيه، والقنطار من الفول الجديد يبلغ ١٨ ألفًا، بينما القديم يباع بـ٢٧ ألفًا.
الأهالي شكّلوا لجانًا وجمعوا تبرعات لمكافحة الطيور التي أضرت بالمحاصيل. بجهودهم الشعبية خففوا كثيرًا من آثارها».

ويضيف:
في مناطق فنقا وجنوب سنيدرا، يشهد السوق انصهارًا وتعايشًا كبيرًا بين القبائل، إذ يوجد أكثر من ٤٨ قبيلة، إضافة إلى الجنوبيين المقيمين في معسكرات، وبعضهم نال الجنسية العرفية. الأمن مستتب، ونتوقع تحسنًا أكبر في الموسم المقبل»

صوت الإدارة الأهلية

يقول عمر خالد محمد نور، رئيس المكتب التنفيذي للإدارة الأهلية:
نشكر الأشاوس على ما قدموه. نحن كإدارة أهلية نقوم بدور أساسي في تنظيم العلاقة بين الرعاة والمزارعين والتجار، ونتدخل في حل الخلافات حول الضرائب والرسوم، وفتح المراحيل ومواقع المياه. كما نرفع تقاريرنا إلى السلطات المحلية حول القضايا في المناطق البعيدة».

ويتابع:

«الجهاز القضائي في المدينة يعتمد كثيرًا على المحاكم الأهلية من العمد والمشايخ، وهي قريبة من الناس، وتساهم في حل النزاعات العرفية وتخفف الضغط عن القضاء الرسمي. كذلك لدينا تشريعات عرفية محلية أثبتت فاعليتها في ضبط المجتمعات».

ويضيف:

«رغم الحرب التي شلت الأحزاب والنقابات، إلا أن المجتمع الأهلي في الفردوس استطاع أن يحافظ على التوازن والأمن طوال ثمانية أشهر. شكّلنا لجانًا أمنية أهلية، ونجحنا في منع الفوضى والانفلات».

ويختم بالقول:

«نحن ندعم حكومة التأسيس، لأنها قامت على مبدأ السلام ورفع المظالم، ونرى أن العدالة والإنصاف هما السبيل لإنقاذ البلاد. الفردوس نموذج للتعايش، فالقبيلة هنا بالانتساب، وحتى الوافد يصبح جزءًا من النسيج الاجتماعي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى