الرئيسيهتقارير

تقرير || حرب الإنتهاكات وازدواجية المعايير

تقرير سوما المغربي

منذ اندلاع حرب أبريل، يعيش السودانيون في دارفور وكردفان تحت نيران الانتهاكات المتواصلة، وسط صمت دوليٍ مطبق وتجاهل رسمي، وجيش لا يزال يضع أولويات الحرب فوق أرواح المدنيين. طوال الشهور الماضية، وقعت مئات المجازر والاعتداءات المنظمة دون أن يُحرّك المجتمع الدولي ساكنًا أو يُبدي موقفًا حاسمًا، حتى جاءت حادثة الفاشر الأخيرة لتُحرّك العالم فجأة، وتعقد من أجلها جلسات في مجلس الأمن دون مخرجات واضحة أو فعل جاد.
لكن الفارق الجوهري ظهر حين تعاملت قوات الدعم السريع بمسؤولية قانونية، فألقت القبض على المتهمين بارتكاب التجاوزات، في خطوة تعكس التزامًا بقواعد السلوك والعدالة. وبينما يواصل المدنيون دفع الثمن يومًا بعد يوم، تظل الحقيقة أن انتهاكين وُزِنا بميزانين مختلفين.

_ انفلات بلا رادع..

واقع الانتهاكات في ظل سلطة بورتسودان المُختطفة، والذي يقرا في سياقات عدة تستحق النظر معمقا حولها وقراءة ابعادها فنجد:
غياب الإرادة السياسية للمحاسبة..
لا تُبدي حكومة الأمر الواقع في بورتسودان أي جدية في التحقيق أو محاسبة مرتكبي الانتهاكات. بياناتها الشكلية عن “تشكيل لجان تحقيق” غالبًا ما تنتهي بإرجاع الجرائم إلى “تجاوزات فردية”، دون إجراءات فعلية أو نتائج واضحة.

حصانة للمنتهكين..

لم يُرصد أي إجراء قانوني ضد الجناة رغم التكرار المنهجي للانتهاكات، ما رسّخ مناخًا من الإفلات من العقاب وشرّع للقوة المفرطة ضد المدنيين، حتى في أبسط ممارساتهم اليومية.
تحوّل الانتهاكات إلى سلوك ممنهج..
استقرت القوات النظامية في قلب الأحياء السكنية ومارست انتهاكات مستمرة؛ من تفتيش مهين، وابتزاز مالي، إلى فرض إتاوات على التنقل والعبور، بل وحتى سلب للممتلكات.
انعدام الأمن اليومي للمواطن..
أصبح الخروج لشراء أبسط الاحتياجات مخاطرة؛ المواطن معرّض للترهيب والاحتجاز والتعدي، دون أمل في الحماية أو الإنصاف القانوني.

تفاقم الأزمة الإنسانية..

هذه الانتهاكات أدت إلى موجات نزوح جديدة؛ السكان يفرّون مجددًا إلى ملاجئ مؤقتة بحثًا عن أمان مفقود. حياة الناس أصبحت محصورة بين الخوف والفرار والحرمان.
ازدواجية السلطة وتضارب الصلاحيات..
تُمارس القوات النظامية سلطاتها دون حسيب أو رقيب، حيث تجمع بين أدوار الجيش والأمن والشرطة، مما يجعلها الجهة الوحيدة المتحكمة بالمشهد، وهو ما يمنع أي مساءلة قانونية حقيقية.
تكريس سلطة القمع كبديل عن الدولة..
بغياب مؤسسات مدنية فاعلة وتغوّل العسكر على الحياة العامة، تحوّل الحكم في بورتسودان إلى غطاء للسلطة العسكرية، تُدار فيه الدولة بمنطق السيطرة لا القانون، والردع لا العدالة.

زج المدنيين في ساحات القتال..

في تجاوز خطير لكل الأعراف والقوانين الدولية، عملت جماعات الحركة الإسلامية ومنصاتها الدعائية على تحشيد المدنيين ودفعهم إلى جبهات القتال تحت شعارات مضللة تتستر بالدين والهوية. وبدلاً من حماية المواطن، يتم استخدامه كوقود في صراع سياسي وعسكري يخدم بقاء قلة في السلطة، فدعوات الاستنفار التي أُطلقت عبر المساجد، ومخاطبات علنية من قادة الحركة، دعت الشباب والطلاب وحتى كبار السن إلى “الموت في سبيل الوطن”، بينما الحقيقة أن هؤلاء يُدفعون للموت نيابة عن قوى ترفض السلام وتتهرب من العدالة، هذا التجييش القسري للمواطنين العزّل يمثل جريمة بحد ذاته، لا سيما وأنه يتم في غياب أي حماية قانونية أو أخلاقية، وفي وقت تتضاعف فيه معاناة المدنيين من الجوع والنزوح وفقدان الأمان، وبات واضحًا أن منسوبي النظام البائد يستخدمون الحرب كأداة لإعادة التمكين، ولو على جثث الأبرياء.

_ سلسلة لا تنتهي من الجرائم والإنتهاكات

تستمر الجريمة تجاه المواطن المدني الأعزل، ففوق نيران الحرب يخوض حرباً من نوع آخر. فقد حملت الأخبار كم من الأحداث المؤسفة، كما أن جميع الشهداء المدنيين تم إستهدافهم بمختلف الذرائع والتهم الكاذبة والمضللة، وتحت سمع وبصر العالم بعض من أحداث مؤلمة لا يتم تناولها على سبيل المثال لا الحصر
قصف الأسواق والمستشفيات
قصف مستشفى الابرار فى نيالا ومستشفى المجلد ومدرسة نيالا الثانوية التى كان يستغلها نازحي الفاشر كمخيم.
قصف الكومة ومليط
استخدام السلاح الكيميائي في مصادر المياه، وعدد الطلعات الجوية وصل لحوالي 50 طلعة جوية.

إبادة سوق الكومة..

حوالي 380 ضحية بينهم 80 قتيل في لحظة واحدة.
إبادة سوق طرة
450 شخص مدني في لحظة واحدة ومئات الجرحى.
جرائم ضد “عرب الصعيد
هجوم من بعض من عساكر الجيش السوداني في القربين ثم على “حلة ودبديقة” علي إثره قتل مواطنين بدم بارد.
إنتهاكات في ولاية الجزيرة
قوات “تغراي” المشاركة بجانب الجيش السوداني تقوم بإنتهاكات وترويع وتفتيش للسيارات، ودهم لمنازل المواطنين والقيام بعمليات سلب ونهب لممتلكات المواطنيين.

تناسى الكثير انتهاكات بقر البطون وقطع الرؤوس،واكل الاكباد

حقيقة الوضع الإنساني

استمرار الجرائم والإنتهاكات ضد المواطنين المدنيين الأعراز.
استخدام السلاح الكيميائي في مصادر المياه.

قصف الأسواق والمستشفيات والمدارس.
إبادة المواطنين في الأسواق والقرى.
أمام هذا الواقع المأساوي الذي تتكشّف فيه فصول الانتهاكات المتكررة ضد المدنيين في دارفور وكردفان، ومع استمرار زج الأبرياء في أتون الحرب، تتضح ملامح أزمة عميقة لا تنفصل عن مشروع سياسي قديم يقوم على القمع والهيمنة. الانتهاكات المستمرة تحت سلطة بورتسودان ليست مجرد تجاوزات، بل تعبير صريح عن اختطاف الدولة واستخدام أدواتها لترهيب المواطن بدلاً من خدمته. الوضع القائم يتطلب مساءلة حقيقية تبدأ من تفكيك شبكة الحصانات ووقف عسكرة المدن، قبل أن تتعمق الكارثة أكثر.

صمت المجتمع الدولي …

إن صمت المجتمع الدولي عن الانتهاكات المستمرة من قِبل فلول النظام البائد وجيشهم المختطف، مقابل تحرّك متسارع إزاء أحداث فردية، يكشف عن ازدواجية في المعايير يجب التوقف عندها. في المقابل، أظهرت قوات تأسيس، عبر مواقفها ومحاسبتها للمخالفين، التزاماً واضحاً بمبادئ القانون والعدالة، ما يجعلها طرفاً جديراً بالثقة في أي مستقبل سياسي مرتجى.، آن الأوان لفتح ملفات الانتهاكات كلها دون انتقائية، ولمحاسبة كل من تورّط في سفك دماء السودانيين، أياً كان موقعه، فبغير العدالة والمساءلة لا يمكن للسودان أن يتعافى أو يُبنى على أسس جديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى