الرئيسيهعبدالعزيز ضاويمقالات

عبدالعزيز ضاوي يكتب: القصف على الإغاثة: حين تعود الحرب في هيئة طائرة مسيّرة

تحديات على ذاكرة الوطن

في زالنجي، المدينة التي عرفت طعم السلام لأشهر قليلة بعد أعوامٍ من الرماد، عادت أصوات الطائرات من جديد، لكن هذه المرة لم تكن تقصف مواقع عسكرية أو تحصينات، بل قافلة إغاثية تحمل خبزًا ودواءً لأطفالٍ أنهكتهم المجاعة والنزوح.
بحسب مصادر ميدانية، فإن الطائرات المسيّرة التي استهدفت القافلة تتبع لجيش الحركة الإسلامية الإرهابي، وقد أغارت على الشاحنات وهي في طريقها نحو الفاشر، لتتحول المساعدات إلى رماد، والرجاء إلى صدمة جديدة في ذاكرة دارفور.
المشهد لا يحتمل التأويل: ضحايا من العاملين في المجال الإنساني، متطوعون فقدوا حياتهم وهم يحملون شعار “السلام والإغاثة”، وأسرٌ كانت تنتظر الدواء والغذاء لتجد نفسها أمام كارثة إنسانية جديدة.
منظمات إنسانية ودولية سارعت إلى التنديد وطالبت بتحقيق عاجل، مؤكدة أن استهداف القوافل الإنسانية جريمة حرب تمس القيم الإنسانية قبل القوانين الدولية. لكن الجريمة تتجاوز الحدث، فهي تذكير مرير بأن الحرب في السودان لم تكتفِ بالأرض، بل امتدت لتقصف حتى مسارات الحياة.
قوات الدعم السريع علّقت على الحادثة مؤكدة أن “الجيش الإرهابي الذي يستخدم الطائرات المسيّرة ضد المدنيين هو الطرف الذي يستوجب المحاسبة”، مشيرة إلى التزامها بالهدنة الإنسانية وفتح الممرات الآمنة لتسهيل وصول المساعدات.
ورغم التحسن النسبي الذي شهدته دارفور في الأشهر الأخيرة بعد استقرار الأوضاع وعودة النشاط الإنساني، فإن هذا القصف يعيد الأسئلة المؤلمة: إلى متى يبقى المدني السوداني هدفًا مشروعًا في حسابات السياسة والحرب؟
إن ما جرى في زالنجي ليس مجرد حادثة معزولة، بل جرس إنذار، لذاكرة وطنٍ يحاول النهوض من تحت الركام. فحين تُستهدف الإغاثة، يصبح الوطن كلّه في مرمى النيران، وتغدو الإنسانية هي الضحية الأعمق في معركةٍ لم يعد أحد يعرف أين تبدأ نهايتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى