بقلم: آدم محمد عثمان
في الحروب المختلفة التي دارت في العالم، سمعنا عن جيوش تقاتل حتى تنتصر أو تُهزم، وجنود يستسلمون في أرض المعركة بعد نفاد ذخائرهم، وقوات تنسحب من منطقة إلى أخرى داخل حدود الوطن، لكن لم نسمع عن جيش يهرب إلى دول أخرى عابراً للحدود من قوات يعتبرها مليشيا، إلا جيش البرهان، الذي سجل رقماً قياسياً في اللجوء إلى دول الجوار.
فقد لجأ هذا الجيش في أزمنة مختلفة إلى خمس دول، طالباً الحماية من قوات الدعم السريع، وما من دولة مجاورة إلا هرب إليها، باستثناء المملكة العربية السعودية التي حال بينه وبينها البحر الأحمر. وآخر لجؤه كان إلى دولة جنوب السودان هارباً من منطقة هجليج النفطية.
هذه الهزائم والقصور في أداء الجيش تعود لعدة أسباب، أولها التركيبة البنيوية للجيش. وقد وصف القائد أبو كيعان الجيش بعبارة “ضب رأسه أحمر”، أي أن الصف والجنود من الهامش، أما القادة فمن المركز. الكلية الحربية منذ تأسيسها كانت حكراً على أقليات محددة من مناطق جغرافية معينة، جعلوا أنفسهم نخبة تتوارث القيادة جيلاً بعد جيل. وهذه الأقليات التي تهيمن على القيادة ليست رجال ميدان، فعندما تدور المعارك، يهربون سريعاً، فيتبعهم الجنود، مما جعل الجيش يُعرف عالمياً بلقب “المصيغ”.
لقد انكشفت حقيقة الجيش منذ حرب الجنوب، إذ تبين أنه جيش كرتوني، حيث كان يُجبر الطلاب عبر الخدمة الإلزامية على القتال في الجنوب، بينما يجلس القادة في المكيفات ويتقاضون المرتبات ويكتفون بإصدار الأوامر. وقد أنشأ الجيش مجموعات قتالية لتقاتل نيابة عنه، مثل الدفاع الشعبي والأمن الشعبي والإحطياط المركزي، لذلك عندما بدأت حرب 15 أبريل وجد الجيش نفسه أمام معادلة صعبة أدت إلى انهياره.
ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى ضعف وانهيار الجيش، تحوله من قوة قتالية إلى مؤسسة استثمارية، حيث كانت أمنية كل ضابط أن يستفيد من مرتبات الجنود وتعييناتهم، ويبني “جدار الحامية” التي يقودها كدكاكين استثمارية، ليجمع الأموال ويبني أمارات في الخرطوم ويركب سيارات فاخرة، بينما يُهمل الجنود، بعضهم قضى أكثر من عشرين عاماً في الخدمة ولم يمتلك منزلاً يسكن فيه، فنهارت معنوياتهم.
لهذه الأسباب وغيرها، أصبح الجيش السوداني عبارة عن مليشيات مسلحة تتحكم فيها الحركة الإسلامية.



