سوما المغربي يكتب: بورتسودان على خط النار.. تحديات الأمن المصري في البحر الأحمر
سوما المغربي
منذ نشوء الجمهورية المصرية، تَقلَّبَت الساحة السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن مصر ظلت محورية في ضمان أمنها القومي وحماية مصالحها الاستراتيجية. إلا أن التطورات الأخيرة في السودان، وتحديدًا في بورتسودان، تبدو اليوم بمثابة جرس إنذار للقاهرة، إذ تحمل في طياتها تهديدات خطيرة قد تتجاوز ما عُرف من تحديات سابقة.
في قلب هذه التحولات، برزت مفاجأة غير متوقعة، تمثلت في عرض الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، على روسيا إمكانية بناء قاعدة عسكرية في بورتسودان، هذا العرض يفتح بابًا جديدًا من الصراع الاستراتيجي في البحر الأحمر، المنطقة التي لطالما كانت بمثابة شريان حيوي للأمن المصري، فبورتسودان ليست مجرد مدينة ساحلية، بل منطقة تتحكم في ممرات بحرية حيوية تؤثر بشكل مباشر على حركة التجارة العالمية وأمن الملاحة.
من جهة تكشف التحولات الأخيرة في السودان عن علاقة مشبوهة بين البرهان وجماعة الإخوان المسلمين، التي كانت قد تَزعزعت في مصر، وقد يرى البعض أن البرهان، قد سلك نفس المسار الذي اتبعته الجماعة في مصر استخدام القوة العسكرية لفرض سلطة سياسية، وهذا التحول يعمق من المخاطر المترتبة على الأمن الإقليمي، حيث أصبح البرهان يمثل تهديدًا مباشرًا ليس فقط للسودان، ولكن لمصر والمنطقة بأسرها.
منطقة البحر الأحمر تشهد تنافسًا شديدًا بين القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، أي تحركات روسية في بورتسودان قد تهدد أمن مصر البحري بشكل غير مسبوق، حيث تسيطر القاهرة على قناة السويس، التي تعتبر شريانًا حيويًا للتجارة العالمية.
يُشير الخبراء إلى أن بناء قاعدة روسية في بورتسودان يمكن أن يصبح نقطة انطلاق لتوسيع النفوذ الروسي في المنطقة، مما ينعكس سلبًا على المصالح المصرية، هذا التواجد العسكري قد يعزز النفوذ الروسي على حساب القوى الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، التي قد تجد نفسها في موقف بالغ التعقيد إذا ما تصاعد النفوذ الروسي في البحر الأحمر.
ما كانت مصر تعتبره تهديدًا غير محتمل بات اليوم واقعًا يطرق أبوابها، التحرك الروسي في بورتسودان ليس مجرد خطوة عسكرية، بل هو إعلان عن تحول استراتيجي قد يعيد رسم موازين القوى في المنطقة، ومصر، التي طالما اعتبرت البحر الأحمر خطًا أحمر لأمنها القومي، أصبحت اليوم أمام تحديات غير مسبوقة، فهل ستتمكن من مواجهة هذا الخطر المتصاعد، أم أن الأمور ستسير نحو مأزق أكبر!، من الواضح أن التوترات في البحر الأحمر قد تعيد ترتيب موازين القوى في المنطقة، وليس فقط لصالح مصر، بل لكل العالم.
سوما المغربي
ديسمبر ٢٠٢٥



