الرئيسيهتقارير

تحقيق|| الخرطوم خديعة العودة .. مدينة اشباح لا تصلح للحياة !!

صرخات المواطنين لا يسمعها مسؤول

مليشيات وفصائل تبتز البسطاء بدعاوي البقاء في فترة الحرب !

صدمات متتالية للمواطن .. ودعوات الاستنفار تأخذ الأبناء للتجنيد عنوة

تحقيق : سوما المغربي

إنها الحقيقة أن الخرطوم لا تصلح للعيش بعد عامين من عمر الحرب سلطات بورتسودان تحيي دعوات العودة للعاصمة وتقول للمواطنين أن الخرطوم آمنة وخالية من الدعم السريع وأن الخدمات ستنساب وهكذا، بل ذهبت لأبعد من ذلك وقامت بترحيل المواطنين مجانا إلى الخرطوم ومضى الآن أكثر من ٣ أشهر وتفاجأ المواطن بأن العاصمة مدينة ميتة، تفاجأ المواطن بإنعدام أبسط مقومات الحياة لا مياه لا كهرباء لا خدمات وأسواق بائسة، مدارس مغلقة وضع صحي متردي ليس هناك طاقة أو بوارق أمل لحياة فيها، وأنطلت عليهم الخدعة الكبرى وعلموا لماذا يستمر البرهان وحكومته بالوجود في عاصمتهم بورتسودان!.

_ صرخات المواطنين ..

مواطنين يصرخون بأن حتى الحيوانات لا تعيش في بيئة كهذه فما بالك بالآدميين، في سؤالنا عن طبيعة الأوضاع إستطلعنا أرآء مواطنين عادوا طوعا لقولوا : “لقد رجعنا بعد الدعوات للعودة وذهبنا برغبتنا نحلم بالعودة لمنازلنا وقد حملنا الشوق وظننا أن الخرطوم كما كانت ولكن وجدنا أن المدينة لا تحتمل إستقبال الآدميين بل حتى الحيوانات، كان حلمنا أن نرجع لنعيش فيها ولكن ما رأيناه حطم الحلم وجعلنا بين نارين بأن نبقى أو نعود أدراج حيث أتينا”.

_ شهادات من واقع العودة..

المواطن أحمد عبدالخالق العائد بأسرته بعد تنقل منذ أيام الحرب الأولى بولايات شمال السودان حكى عن عودته لمدينة الأزهري التي ترك بيته فيها ليكتوي بنيران النزوح وغلاء المعيشة في بيت إيجار بمدينة عطبرة يحكي ” لقد جئت باسرتي فار من إيجار بيت بمبلغ مليون جنيه سوداني عملت كبائع أطعمة وانتظرت كل شهر أخوتي في الخارج لمد يد المساعدة لأجل ان أوفر بيتا وطعاما لأسرتي وحين عدت لمنزلي لم أجد مياه ولا كهرباء ووضع مخيف من منازل جيراني الفارغة التي لا يسكنها سوى الظلام ولا أسواق قريبة مع معاناة في الحركة بسبب ندرة المواصلات وغلائها على قلتها كما المأساة الكبرى أن المنطقة مليئة بمجموعات مختلفة من العسكر والجنود يتصيدون من يحمل المال أو حتى الطعام ويسالونك عن أصلك وكأنك لم تكن يوما من سكان هذا الحي، فلماذا جعلونا نعود بهكذا حال؟!”،. الحاج أحمد وغيره يسألون ذات السؤال في مناطق عدة من أحياء العاصمة، وكذا عوضية التي جاءت بابنائها تلوذ من جحيم التشرد والمعاناة بعدما وجدت بيتها بمنطقة شرق النيل قد تهدمت غرفة وأسواره بفعل قذائف الطيران ووجدت واقع لا يستطيع أطفالها تحمله من كلفة شراء المياه وغلاء الطعام وخوفهم من الخروج إلى الشارع تحكي عن مأساة عودة إلى اللاشيء.

_ حقيقة العاصمة ..

العاصمة الخرطوم ومناطق النزاع، دُمرت شبكات الكهرباء والمياه فيها منذ الأيام الأولى للحرب بفعل قذائف الطيران، وكذا تعرضت المستشفيات لذلك ، ما تسبب في تفشي الأوبئة، خصوصًا الكوليرا التي حصدت أرواح مئات وأصابت الآلاف خلال الأشهر الأخيرة، وسط عجز كامل عن الاستجابة الطبية الفاعلة، والتأثير للأسلحة بما فيها الكيميائية التي أدت لأمراض لا علاج لها، وتراكمات تدمير المنشئات مثل مصفى الجيلي للبترول ومخازن الأسلحة، والتي ذهب الخبراء أن أثآرها ستبقى لعقد من الزمان وأكثر، كل هذه حقائق لا تحتاج التثبت والتحقيق فيها بشهادة الخبراء الدوليين تجاهها.

_لماذا الخرطوم لا تصلح للحياة؟!

بإعتراف مواطنين يتحدثون بعدم توفر المقومات الأساسية الأسواق والسلع وإنسيابها المواصلات خدمات الصحة العلاج وأول ما اصطدموا به الملاريا والأوبئة والكوليرا بالمرصاد، بل إن الكثير منهم فكروا في الهروب والعودة حيث جاؤا، بمثل ما عاد النازحين للخرطوم الآن هم يرغبون في المغادرة والسبب الأساسي إنعدام الخدمات وغلاء المعيشة.

_ صدمات متتالية على المواطن..

وفي صدمة وفاجعة من نوع آخر فالمواطن عبد العزيز الذي فقد إثنين من أبنائه في هذه الحرب يقول أن إبنه الثالث والذي ذهب مع أصدقائه من الشارع بدعوى الإستنفار لأجل حرب الكرامة لم يره منذ عودته، ويبكي فلذة كبده ويقول أنه نادم على العودة من أقصى حدود الشمال ليجد نيران الحرب مازالت مستعرة تأكل أبنائه.
وهنالك صراع أخر هو حالة الإبتزاز من منسوبي كتائب الجيش بتفتيش المنازل وأعتبار أي اثاث جديد منهوبات تصادر وتفرض عليهم غرامات.، الألآلف وقعوا في وطأة هذه العقوبات لا لشئ الا لأنهم من الذين أختاروا البقاء في منازلهم خلال فترات بسط الدعم السريع سيطرته على العاصمة ولأنهم لا قبل لهم بتكلفة السفر والنزوح لمناطق أخرى فجائتهم التهم جزافاً وأصبح الإضطهاد مصيرهم، فتعدت الصدمات وأشكالها للعائدين وكذا للمقيمين منذ بداية الحرب متمسكين ببيوتهم كل يعاني مراراته الخاصة به.

_ لا أمل في إعادة الإعمار !!

مع الرصد الدولي لحقيقة الكارثة الإنسانية في العاصمة ومدن عديدة وبالرغم من إطلاق الأمم المتحدة لخطة إستجابة إنسانية تتطلب أكثر من 4 مليارات دولار لمساعدة 21 مليون شخص، فإن التمويل الدولي ما يزال محدودًا للغاية، ولم يصل حتى منتصف العام إلى 15% من المطلوب، ما ينذر بكارثة تتجاوز إمكانيات المنظمات الإنسانية حيث التدهور شامل في مختلف مناحي الحياة للمواطن.
وفي ظل هذه الظروف، تؤكد منظمات الإغاثة أن الأوضاع في السودان باتت من بين الأسوأ عالميًا، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل ليس فقط عبر الإغاثة، بل أيضًا بالضغط لوقف القتال وإيجاد حل سياسي شامل يعيد الأمل لملايين المدنيين العالقين في دوامة الحرب والجوع والمرض.

_ الدعوات أسباب خفية ..

ويتبادر السؤال لماذا إرسال الدعوات للمواطنين للعودة؟! ، هل يريدون بحكومة الأمر الواقع ببورتسودان أن يثبتوا أن الخرطوم صالحة للعودة وهذا الشكل العام، فهل يريدون عودة المواطن من مناطق النزوح ومن الخارج ليحتموا هم بالمواطنين وليس للعناية بالمواطنين وتقديم الخدمات لهم، أم أن يعيد المواطن المغلوب على أمره نظافة وتعمير عاصمة مليئة بالجثث والمدافن وخالية من المياه والكهرباء والطعام والرعاية الصحية؟!.

_ المظاهر الأمنية والصدمة الكبرى..

إصطدم المواطن بعد إستقباله للجيش وكتائبه داخل المدينة وأحيائها بواقع أن القادمون ليسوا أطباء ولا مهندسين ولا عمال ولا موظفين حيث لا مؤسسات إنما مناطق تعج بمختلف فصائل ومليشيات تابعة للجيش، وعلموا حقيقة حرب الكرامة حيث أنهم عادوا دون تكريمهم بحياة تحترم الحقوق الاساسية، بل الأسوأ حديث المواطنين عن التجنيد القسري لأبنائهم في صفوف المستنفرين وهنا جاءت صدمتهم الكبرى في العودة ليكونوا وقود وكبش فداء مليشيات تحكم قبضتها على حياتهم ومعاشهم.

_ موقف بورتسودان من أزمة واقع الخرطوم..

ما موقف الحكومة من صرخات المواطنين وقد صرح بذلك الصحفي محمد عبدالقادر الكاتب في صحيفة الكرامة في حديثه أن الخرطوم لا تصلح للحياة وأنها مدينة أشباح ليس إلا في شهادة له على الدمار الكامل وغياب مظاهر المدن الحقيقية وقوله: “الأجدى الابتعادُ عن دغدغةِ مشاعرِ المواطنينَ وتوظيفِها في حملات تنادي الناس بأن ارجعوا إلى بيوتكم، لأن “جنةَ رضوان” أصبحت الآن (خرابة شيطان) تواجه التلوّث والانفلاتَ الأمنيَّ وجيوش البعوض والذباب وهوام الأرض، وتتفشى فيها الأمراض، وتَنعدم فيها الخدمات: لا ماء ولا كهرباء، ولا تعليم أو صحة”
ما كان متوقع هو إعمار للمدينة لتصلح للحياة ولكن ما حدث هو دعودة للعودة وعند ظهور الحقيقة لا إستجابة من الحكومة لصرخات المواطنين ولكن رئيس الوزراء في إنشغال بالحقائب الوزارية وكراسي السلطة، بل مازالت العاصمة هي بورتسودان فما الذي تهدف إليه حكومة الأمر الواقع بطلب العودة لعاصمة لا تصلح للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى