
شطبت محكمة جنايات أم درمان – كرري، البلاغ المفتعل من ما يسمى بالخلية الأمنية كرري ضد الطالبة ضحى شعيب، بعد أن ثبت للمحكمة عدم كفاية الأدلة، لتنتهي فصول محنة قانونية وأمنية استمرت لأشهر، دارت فيها ضحى بين المعتقلات والسجون، بلا جريمة حقيقية سوى انحيازها للضحايا ووجودها في مركز إيواء نازحي جزيرة توتي.
محاكمة للنوايا
بدأت القصة في يناير الماضي، حين داهمت قوة أمنية مركز الإيواء المؤقت في توتي، واقتادت ضحى إلى معتقل “الخلية الأمنية كرري”، حيث وُجهت لها اتهامات ثقيلة بموجب المادتين (50) و(51) من القانون الجنائي: تقويض النظام الدستوري وتهديد الأمن القومي، وهي تهم ترقى عقوبتها إلى الإعدام.
لكن المسار القضائي سرعان ما كشف هشاشة الملف الأمني، فقد كانت ضحى، كغيرها من آلاف النازحين، شاهدة على مآسي الحرب، لا طرفًا فيها، وكان تواجدها في مركز الإيواء عملًا تضامنيًا وإنسانيًا بامتياز.
تضامن واسع ودفاع صلب
في مواجهة هذا الاستهداف، تشكلت هيئة دفاع من أبرز خمسة محامين في أم درمان، خاضوا معركة قانونية صلبة، كشفت تناقضات الرواية الأمنية، وفندت الادعاءات المرسلة. إلى جانب ذلك، انطلقت حملة تضامن نسوية وحقوقية واسعة، شاركت فيها تنظيمات مثل “التنسيقية النسوية الموحدة”، “اتحاد النساء الديمقراطي”، “لا لقهر النساء”، و”محامو الطوارئ” و”تجمع المحامين الديمقراطيين”، والتي أصدرت بيانات حازمة طالبت بإطلاق سراح ضحى، وفضحت نهج السلطة في قمع النساء الناشطات.
القمع لا يصمد أمام الحقيقة
تؤكد قضية ضحى مجددًا أن آلة القمع، رغم عنفها، لا تصمد أمام صمود الضحايا وتضامن الشارع. فالشابة التي أرادت السلطة أن تجعل منها “عبرة” لمثيلاتها، خرجت اليوم أقوى، تحمل براءتها ومعها شهادة على عبثية محاكمات النوايا، وتسييس العدالة.