
الاعتراف الدولي بحكومة (تأسيس)… واقع تفرضه الجماهير
رغم التوجس والتحفظ الذي تبديه بعض الجهات الإقليمية والدولية تجاه إعلان حكومة تأسيس بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، إلا أن الواقع الشعبي داخل السودان يبدو مغايرًا تمامًا، حيث تفرض الجماهير في الشارع منطقها، وترسم ملامح الشرعية الجديدة بناءً على مشاركة فعلية ورغبة عارمة في التغيير.
إعلان حكومة تأسيس… وشرعية المشاركة السياسية
في خطوة جريئة وحاسمة، أعلن الفريق محمد حمدان دقلو تشكيل حكومة تأسيس تمثّل تحالفًا واسعًا من القوى المدنية والكيانات الثورية والمجتمعية. وقد شملت الحكومة مشاركات من ولايات البلاد المختلفة، خاصة من مناطق دارفور وكردفان والنيل الأزرق، ما أعطاها ثقلاً سياسيًا ومجتمعيًا يصعب تجاهله.
وحسب رئيس المجلس الاعلى للادارات المدنية د. حذيفة مصطفى ابو نوبة امام حشد جماهيري ، ان خطوة اعلان الحكومة جاءت استجابة لمطالب قواعد جماهيرية طالما عانت من التهميش والإقصاء، وهي اليوم ترى نفسها جزءًا من معادلة الحكم، ويرى أن ما تم حق طبيعي تمليه المسؤولية الاخلاقية في تقديم الخدمات التي منعتها عنها شلة بورتسودان على حد وصفه ، سواء كان التعليم، أو استخراج الأوراق الثبويتة، أو العملة وغيرها
الاعتراف لا يأتي من الخارج… بل من الشعوب
يرى الخبير والمحلل السياسي د. يوسف الطاهر أن الحديث عن اعتراف دولي بحكومة تأسيس يجب ألا يُختزل في بيانات من الاتحاد الإفريقي أو الجامعة العربية، مشيرًا إلى أن الاعتراف الحقيقي “يأتي من الشعوب، من الشارع، من الناس الذين خرجوا يعبّرون عن تطلعاتهم”.
وخرجت عدد من ولايات السيطرة في تظاهرات كبيرة مؤيدة للحكومة كان في طليعتها ، عاصمة حكومة تأسيس مدينة نيالا ومحاضرة ولاية شرق دارفور الضعين ، وزالنجي عاصمة وسط دارفور وبعض مدنها كمنطقة دليج التي شهدت خروج اللالف في تظاهرة مؤيد وداعمة لحكومة تأسيس، خطابها د. حذيفة أبو نوبة
ويرى د. الطاهر انه حين تخرج مئات الآلاف في مظاهرات تأييد في كل ولاية تسيطر عليها هذه الحكومة، فإن ذلك هو الاعتراف الواقعي. أما المؤسسات الإقليمية، فهي تعيد إنتاج مواقف القوى التقليدية التي لفظها الشارع.
الإقصاء المتعمد وحرمان المستضعفين من الحقوق
يؤكد الطاهر أن الشرعية الأخلاقية والسياسية لحكومة التأسيس ترتبط أيضاً برفع الظلم عن قطاعات واسعة، حيث عانى أبناء غرب السودان لسنوات من الإقصاء الممنهج، وهو ما أكد القيادي البارز بالدعم السريع رئيس المجلس الأعلى للادارات المدنية د. حذيفة أبو نوبة في تصريحات سابقة.
ويقول الطاهر : كثير من المواطنين في كردفان ودارفور لا يستطيعون استخراج جوازات سفر بسبب انتمائهم القبلي أو الجغرافي.
التعليم شبه منهار في مناطقهم، والمساعدات لا تصل بشكل عادل.
الخدمات الصحية معدومة في الكثير من القرى، رغم الوعود المتكررة من الحكومات المركزية السابقة.
إن إعلان حكومة تأسيس جاء استجابة لهذا الواقع، ومحاولة لوضع حد لتاريخ طويل من التهميش.
صوت الشارع أقوى من المؤتمرات
منذ إعلان حكومة تأسيس، خرجت جماهير غفيرة في تظاهرات داعمة في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وحتى في مناطق حدودية وأطراف العاصمة.
هتفوا باسم التغيير، ورددوا شعارات تدعم التمثيل الحقيقي، لا التمثيل الورقي الذي كانت تفرضه النخب من خارج إرادة الناس.
الرسالة واضحة..
ولسان حال اغلب المواطنين يقول هذه الحكومة تعبّر عني، عن قضيتي، عن منطقتي، عن حريتي وانه لا مفر من الاعتراف باتسيس والكلمة للشعب.
ربما لا يزال الاعتراف الرسمي الدولي ينتظر توازنات سياسية معينة، لكن في نهاية المطاف، فإن الاعتراف الشعبي قد تمّ فعلاً، ولا يمكن تجاوزه.
فالشعب الذي خرج مؤيدًا، والذي يطالب بحقوقه، والذي دعم حكومة تأسيس من الميدان لا من القاعات، هو من يملك الشرعية الحقيقية.
وليس من العدل أن تبقى كلمة الخارج أعلى من صوت الشعب المغلوب على أمره.
الاعتراف ليس توقيعًا… بل استجابة لواقع تفرضه الجماهير.