الاعترافات الدولية الشروط والأنواع

أ. محمد عمارة
تعدد الحكومات في الوطن الواحد ليس مزاج النخب السياسية أو أطماع الساسة في الحكم والسيطرة على الموارد، بل في الغالب هو مستمد من قرارات الشعوب ورغبتها، خاصةً في البلدان التي تتمتع بتنوع وتعددية دينية ولونية وعرقية وأثنية وجغرافية. فإن التنوع الجغرافي وحده هو قادر على تشكيل حياة الإنسان بطرق مختلفة، ناهيك عن التعدديات الأخرى. فعندما يرى شعب إقليم معين أو أكثر من إقليم عدم وجوده في مرايا الحكومة الواحدة، غالباً ما تصدر هذه الشعوب أو الشعب قرارات بإنشاء حكومة بمزايا تجعلها أكثر شرعية من نظيرتها التي لم تراعي إدارة التنوع، كالنموذج السوداني والليبي وغيره من النماذج على مستوى المحيط الإقليمي والخارجي.
وهذه الحالات أغلبها عندما يكون للشعوب المعنية قوات مناهضة تسيطر على جزء من الإقليم أو أغلبه، مثل الحركات الثورية أو قوات نظامية معارضة لنظام الحكم القائم في البلد ومناهضة للظلم.
الاعترافات الدولية بالحكومات تعتمد على عدة عوامل منها الشرعية الدولية، يجب أن تتوافق الحكومة مع القانون الدولي مثل قيام برلمان مكتمل ومجلس وزراء مدني، والنظام الذي يناسب رغبة الشعب وميوله كالحكم الفدرالي الإقليمي أو الذاتي أو المركزي. فنجد أغلب الشعوب ذات التنوع والتعدد تميل إلى نظام الحكم الفدرالي عندما يقع الظلم على عدد من الأقاليم، والذاتي عندما يقع الظلم على إقليم واحد.
فإذا رجعنا إلى النموذج السوداني نجد التهميش كظاهرة سياسية تُمارس على عدد من الأقاليم مثل جبال النوبة ودارفور وكردفان والنيل الأزرق والشرق وأقصى الشمال والوسط. حتى في العاصمة الخرطوم نجد هناك حزام عريض للتهميش.
ومن شروط الاعتراف الدولي أيضاً يجب أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على توفير الخدمات الأساسية وبسط الأمن الداخلي في مناطق السيطرة.
فيمكن أن يكون الاعتراف الدولي اعترافاً صريحاً أو ضمنياً، ويتم ذلك عبر التمثيل الدبلوماسي والعلاقات الدولية. هناك بعض النماذج الدولية لحكومات تم الاعتراف بها مؤخراً وتختلف الاعترافات باختلاف السياقات.
مثل حكومة فلسطين حيث أقرت دولة إسبانيا بدولة فلسطين كجزء من تحرك أوروبي ثلاثي يشمل إسبانيا، النرويج، إيرلندا، مما يعكس اهتمامات هذه الدول بدعم القضية الفلسطينية. هناك اعترافات جزئية لبعض النماذج في العالم كالاعتراف بالمجالس التشريعية أو الهيئة البرلمانية. فيتم طرح المجالس الوطنية كبديل للحكومة إذا لم تستوفِ الشروط الدولية كما هو الحال في سوريا حيث تم الاعتراف بالمجلس الوطني كبديل فتم الاعتراف من بعض الدول بالمجلس الوطني السوري كبديل للحكومة الثورية، على الرغم من عدم استيفائه للشروط القانونية اللازمة، وذلك إيماناً واستجابةً لمعاناة الشعب السوري العظيم.
يتم الاعتراف الدولي بالحكومات الثورية التي جاءت بناءً على رغبة الشعب.
فإذا رجعنا إلى النموذج السوداني لابد أن تكون حكومة السلام والوحدة أو حكومة تأسيس جزءاً من التحركات الدولية حسب رغبة الشعب في الاهتمام بالقضية السودانية والشأن الإنساني على وجه الخصوص، وحسب استيفاء الشروط الدولية والقانونية التي تتمثل في نظام الحكم العلماني والفدرالي الذي يستوعب إدارة التنوع الديني والثقافي والاجتماعي والجغرافي، إلى جانب الاستقلال الجيد للموارد واحترام حقوق المواطنة دون تمييز، إضافة إلى قيام برلمان شرعي برغبة الشعب المستمدة من شرعية ثورة ديسمبر المجيدة وشعاراتها السامية المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة.
تلك هي خيارات الشعب التي قامت من أجلها ثورة ديسمبر المجيدة، لذلك حكومة الوحدة والسلام تعتبر أكثر شرعية من معظم بلدان العالم.