الرئيسيهتقارير
أخر الأخبار

(التعايشي) رئيس وزراء في الزمن الصعب .. هل تتعبد الطرق؟

أول مسؤول تنفيذي جمع ما بين السياسة والاقتصاد في المنصب

سجلت له ساحات النضال اقتلاع رئاسة الاتحاد من فك الإسلاميين بجامعة الخرطوم.

بدأت حكومة “تأسيس” قوية رغم الظروف المحيطة، حيث قدمت أصلب العناصر لمواجهة تأسيس الدولة السودانية على قيم الحرية والعدالة والمساواة، العناصر التي لم تركب الموجة حديثًا وإنما كان نضالها من أجل تحقيق هذه القيم قديمًا منذ يفاعة الصبا وأيام الدراسة، حيث مثل النضال من أجل هذه المبادئ أحد معالم شخصية الأستاذ محمد الحسن التعايشي، الذي شهدته ساحات العمل الجامعي كادرًا خطابيًا مفوهًا ومناضلًا شجاعًا ضد ديكتاتورية الإنقاذ. مثّل مع جيله (خالد عمر، ومحمد الفكي) أشرس العناصر المقاومة ضد الإنقاذ في العمل الطلابي النقابي، حيث استطاعوا اقتلاع اتحاد جامعة الخرطوم في عز سطوة الإنقاذ عنوة واقتدارًا في العام 2003م، في مواجهة بطولية رغم عسف الإنقاذ وسحلها للطلاب والمعارضة التي وصلت درجة القتل والإخفاء القسري والاعتقال والتعذيب، بما يؤكد قوة شخصيته وصلابته في المقاومة والنضال.

خبرات النضال

أكسبه النضال السياسي خبرات تراكمت من أجل القيم والمبادئ التي يدافع عنها منذ أن كان كادرًا خطابيًا في حزب الأمة، صقلها بتجارب خارجية في مهاجره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ما عمّق من رؤيته وزاده بصيرة في مجمل قضايا الصراع بالدولة السودانية، متجاوزًا النظرة الحزبية الضيقة إلى فضاء السودانوية الواسع، دون أن يفتر عن مواصلة النضال من أجل قيم الحرية والعدالة والمساواة. فكان أحد قيادات الثورة السودانية المجيدة التي أطاحت بحكم الحركة الإسلامية في عهد الإنقاذ، التي جثمت على صدور السودانيين ثلاثين عامًا حسوما من الدكتاتورية والقهر والتعذيب والفساد والقمع.

وتوقع القيادي المعروف فارس النور، عضو المجلس الرئاسي، في مقابلة سابقة أن يكون الرجل أنجح رئيس وزراء مرّ على البلاد، مراهنًا على تحقيق ذلك في فترة وجيزة.

إسهام ونضال

إسهام التعايشي الثوري حمله بعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة إلى القصر الجمهوري عضوًا في المجلس السيادي السابق وقيادة البلاد، وكانت الآمال مشرعة والأحلام واعدة بإنشاء دولة سودانية تسودها قيم العدالة والحرية والمساواة ومعالجة الاختلالات البنيوية في الدولة الوطنية السودانية ما بعد 1956.
إلا أن تلك التجربة الحلم اصطدمت بجدار التفاف الحركة الإسلاموية والثورة المضادة، التي ما تزال متحكمة في مفاصل الدولة والحكومة السودانية، ومحاولاتها الشرسة للعودة إلى سدة الحكم والانتقام من الشعب الذي رفضها في ثورة جماهيرية كاسحة. فكان انقلاب 25 أكتوبر الذي أدخل أغلب قيادات الحكومة الانتقالية إلى السجون، ثم حرب أبريل التي شنها الإسلاميون للعودة مرة أخرى على أسنة الرماح!

اكتشاف نقاط التقارب

أدار التعايشي حوارًا هادئًا وعميقًا مع قيادة الدعم السريع ضمن ما أتاحه اللقاء والتشاور اليومي إبان مفاوضات السلام لاتفاق جوبا، الذي مثّل فرصة لتوثيق المعرفة والرؤى فيما بينه وقيادة الدعم السريع، واكتشاف نقاط التقارب والاختلاف في قضايا إصلاح الدولة السودانية. فتوثقت عرى العلاقة وازدادت مساحات الثقة، وتطورت العلاقة لتصل تلقائيًا إلى التفاهم الوثيق حول العمل معًا من أجل عودة مسار الانتقال المدني بعد الحرب بصورة جديدة هي “تأسيس”، التي ظل أحد منظريها والعاملين من أجل بروزها واقعًا معاشًا لتحقيق أحلام الشعب السوداني في دولة العدالة والحرية والمساواة.
ونتيجة لإيمانه وإسهامه نال ثقة تحالف تأسيس بتعيينه رئيسًا لوزراء حكومة تأسيس، ليتحمل عبء البداية والتأسيس والانطلاق نحو تحقيق كل ما آمن به من مفاهيم النضال من أجل قيم ومبادئ الحرية والعدالة والمساواة، ومعالجة اختلالات بنية دولة 1956 الشائهة، وتكوين حكومة مدنية ديمقراطية من أجل تحقيق أحلام السودانيين والسودانيات بوطن مدني ديمقراطي سليم ومعافى.

أول قرار

وبشأن نجاح التعايشي يقول الخبير الاقتصادي د. حافظ الزين في إفادة له: إن التعايشي ليس كغيره من رؤساء الوزراء السابقين، لتخصصه في الاقتصاد والسياسة في آن واحد، ويرى أن ذلك يؤهله لإحداث اختراق كبير من واقع أن الاقتصاد هو رأس الرمح في النجاح ويتكامل مع السياسة في تحقيق الأهداف.

سحب البساط

وفي السياق لم يُخيّب التعايشي الظن، وكان كما المتوقع عنه، فقد بدأ بكسر قيود دولة 1956 وسحب البساط من تحت أرجلها، بما أصدره من قرارات في الشأن الدولي بتعيين مندوب دائم للأمم المتحدة، وفي الشأن الداخلي بإصدار قوانين لمكافحة الإرهاب، ووضع الدولة الوليدة في مسارها السليم بالاندماج في المجتمع الدولي وبناء علاقات طبيعية، مع العمل من أجل تحقيق الرفاه والاحتياجات الضرورية للمواطنين في مناطق سيطرة تحالف تأسيس الممتدة عبر عدد كبير من الولايات.

فهل يستطيع رئيس وزراء حكومة العدالة والمساواة محمد الحسن التعايشي، من خلال كل تاريخ نضاله الممتد وما ناله من ثقة تأسيس، وما وجده إعلان الحكومة من التحام جماهيري وفرحة عامة بفجر الخلاص، رغم التحديات الكبيرة، أن يسهم في تحقيق تطلعات الشعب الذي انتظر طويلًا دولة العدالة والحرية والمساواة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى