الرئيسيهتقاريرسوما المغربي

فرص عودة الدعم السريع للخرطوم: البرهان .. الفرصة الأخيرة .. هل يصبح في مهب الريح !!

مؤشر مضي المجتمع الدولي في موقف تأسيس

تقرير سوما المغربي

إلى أين ستمضى ترتيبات المجتمع الدولي بشأن الوضع الراهن في السودان ، هل تنجح الجهود في إيقاف الحرب ، ما المغزي من رسالة العقوبات الأمريكية الأخيرة على كتائب البراء الإرهابية، وما الذي حمله البرهان من توجيهات في لقاء سويسرا، هل سيمضي زحف الدعم السريع نحو الخرطوم ، كل هذه الأسئلة وغير تفرض نفسها

عودة الدعم للخرطوم !

إحتمالية “تأكيد العودة للخرطوم” من قبل قادة الدعم السريع يصبح واقعًا، مع المؤشّرات التي تدعمه، فما ورد من تصريحات ومؤشرات قائد قوات الدعم السريع ورئيس المجلس الرئاسي لتاسيس “الفريق أول محمد حمدان دقلو”، صرّح بأن قواته انسحبت من أم درمان كجزء من “إعادة تموضع” معتبرًا أن الحرب لم تنتهِ بعد، ووعد بالعودة إلى الخرطوم بقوات “أشد قوة”.
أي محاولة للدعم السريع للعودة لا تتطلب القدرة العسكرية، أو الموقف السياسي، ولكن تتطلب ما قام به الدعم فعليا من السيطرة على ولايات دارفور وكردفان من بعد تحول الصراع داخلها، لاسيما أن الخرطوم لا يفصلها حد من شمال كردفان والدخول إليها مع تأمين خطوط الإمداد والعتاد سهل ويقي الدعم السريع شر الإستنزاف والتحديات اللوجستية، كما غطاء الطيران الذي وفر له الحماية من الضربات الجوية، وغير ذلك. العودة قد تكون بطريقة هجوم مفاجئ أو حرب بالضغط من ولايات متعددة، تستهدف استنزاف الجيش أولاً.، لكن من المرجّح أقوى أن العودة ستكون جزئية، مثلاً محاولات لفرض نفوذ في بعض الأحياء أو الدخول كقوة استعادية، وليس سيطرة كاملة كما كانت قبل الحرب، خاصة إذا استمر الجيش في موقفه الثابت وعدم الرضوخ لأي مفاوضات إلا بشروط صارمة.

هل يذهب المجتمع الدولي في موقف تأسيس.

بالنظر إلى جوهر التحولات السياسية الحالية في السودان من حيث التحليل الواقعي فإن ما يُشار إليه بـحكومة الأمل في بورتسودان، يقوده مجلس وزراء مُعين من قبل الجيش السوداني بقيادة البرهان، وهي حكومة الضرورة بعد انهيار الوضع في الخرطوم.لكنها ليست حكومة شرعية أو معترف بها شعبيًا، ولا تمثل التوافق السياسي الوطني، خاصة بعد سيطرة الدعم السريع على مساحات واسعة من البلاد.
في البداية، كان المجتمع الدولي (الأمم المتحدة، الترويكا، الاتحاد الأوروبي، الاتحاد الإفريقي) يتعامل بحذر شديد: رفض للاعتراف الكامل بحكومة التأسيس، ثم عاد فدفع نحو مفاوضات وقف إطلاق نار شامل، لكن مؤخرًا، بدأت لهجة بعض الأطراف الدولية تتغير قليلاً تجاه حكومة بورتسودان حيث اتضح الفراغ السياسي في الخرطوم بعد انسحاب الدعم السريع، والخشية من الفوضى والانقسام التام في السودان، ثم الاحتياجات الإنسانية الضخمة التي تتطلب تنسيقًا مع أي جهة “أمر واقع” موجودة.

هل المجتمع الدولي يتجه نحو “التغيير الناعم”؟

نعم، جزئيًا والتغيير الناعم هنا يعني القبول التدريجي بالتعامل مع حكومة تأسيس كسلطة تحمل شرعية الشعب دون اعتراف سياسي كامل.
وهذا يتمثل في بعثات إنسانية تتعامل مع وزارات حكومية مقرّها نيالا، والتواصل الدبلوماسي الهادئ (بدون اعتراف رسمي)، كما تقديم مشاريع دعم فني وخدمي مشروطة بالوصول الإنساني.
ولكن رغم ذلك المجتمع الدولي لا يزال يطالب بـحل سياسي شامل، كما أن المبادرات الإقليمية (إيغاد، الاتحاد الإفريقي) تدفع باتجاه مفاوضات شاملة.

صمود على الخط .. هل أضاعت فرصة تأسيس؟

ويعكس واقع الصراع السياسي داخل معسكر القوى المدنية السودانية.
تحالف صمود هو جسم مدني جديد نسبيًا، تشكّل كردّ فعل على الحرب والانهيار السياسي،
هدفه المعلن: “وقف الحرب، استعادة الحكم المدني، والرفض التام للحكم العسكري سواء من الجيش أو الدعم السريع”.
ظهوره كتحالف ثالث (بعد الجيش والدعم السريع) جعل بعض القوى تعتبره فرصة لبناء جبهة مدنية مستقلة. لكن مع تطوّر الأحداث، أصبح موقف صمود أكثر ضبابية
حيث لم يُعلن بوضوح الانضمام لحكومة التأسيس بل انشق جزء من تقدم التحالف الأم ليكون ضمن” تأسيس”. ولم يدخل في تفاهمات رسمية مع الدعم السريع. كما أنه لم ينجح حتى الآن في توحيد الصف المدني من حوله.
يبدو أنه إلى حد كبير أضاع (صمود)، فرصة الانضمام لتحالف التأسيس، لا سيما أن حكومة التأسيس فتحت الباب لبعض القوى المدنية للإنضمام تحت شعار (بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية العلمانية)، لكن (صمود)، اختار البقاء في موقف رمادي – لا مع ولا ضد.
البعض يرى أن صمود كان قادرًا على التأثير داخل التأسيس لو دخل مبكرًا، خاصة في صياغة الرؤية المدنية وتعديل ميزان القوة داخل الحكومة.
ويرى المحلل السياسي محمد احمد موسى ان بدأت تظهر ملامح الانقسام قائلاً “بعض قياداته تميل للتحالف مع الجيش وتدعمه ضد الدعم السريع. وأخرى ترفض أي شراكة مع العسكريين، وتدعو لحل ثالث كليًا. وهناك من يرى ضرورة التحالف التكتيكي مع حكومة تأسيس لإضعاف الجيش وحكومته غير الشرعية ببورتسودان.أن هذا التباين جعل التحالف يفقد الوضوح السياسي والتنظيمي، وربما الثقة من القواعد الشبابية التي كانت ترى فيه صوتًا ثالثًا نقيًا”.

مناورة حمدوك .. إيعاذ من المجتمع الدولي ام شعور آخر؟

عودة عبد الله حمدوك إلى الواجهة في هذا التوقيت، بعد طول صمت، ليست عفوية أبدًا، بل تبدو أقرب إلى مناورة سياسية محسوبة.، فهذا احتمال وارد جدًا، بشواهد أن حمدوك يحظى ببعض البثقة الدولية، خاصة من دول الترويكا (أمريكا، بريطانيا، النرويج) والاتحاد الأوروبي، وبعد فشل المبادرات الأخرى (كجدة ومبادرة إيغاد)، هناك فراغ سياسي مدني تبحث القوى الدولية عن من يملؤه، ويبدو أن حمدوك هو الورقة “الآمنة” بنظر بعضهم نسبة لظهوره الأخير في مبادرات السلام والحوارات (مثل منصة نداء السودان المدني) وهذا لم يكن منعزلًا؛ بل يتزامن مع حراك دولي لإحياء العملية السياسية من جديد. وتقارير صحفية تؤكد أن لقاءات غير معلنة جرت بين حمدوك وممثلي الأمم المتحدة والترويكا في أديس أبابا ونيروبي مؤخرًا، كما هنالك الحديث عن “مبادرة وطنية شاملة” بدعم فني دولي، يتردد في الكواليس، ويُطرح حمدوك كجزء من وساطتها.
وبالنظر لحسه الداخلي يرى البعض أن حمدوك شعر بأن النخبة المدنية فشلت في ملء الفراغ، وأن البلد تتفتت، وهي محاولة منه بان يجمع الحد الأدنى من التوافق المدني والقبول الدولي ويرى البعض ان تأسيس هي الأقرب اليه لتحقيق ذلك.

المجتمع الدولي وإن لم يعترف رسميًا بحكومة التأسيس لكنه يتعامل معها بشكل براغماتي لتلبية الضرورات الإنسانية والإدارية إضافة لأن هنالك إشارات إلى قبول تدريجي لها كسلطة إذا ضمنت الاستقرار والحد الأدنى من الخدمات. ولكن لا يزال الضغط قائمًا لفتح المسار السياسي الشامل، بما في ذلك إشراك الدعم السريع أو على الأقل القوى المدنية والمجتمعية.
وأما تحالف صمود أضاع فعليًا فرصة الانضمام المبكر لحكومة التأسيس أو التأثير في تشكيلها. والآن هو في موقف هش لا شريك فاعل في السلطة، ولا قاعدة شعبية واسعة موحّدة. وإن لم يُعيد ترتيب مواقفه ويُعلن رؤية واضحة، قد ينهار أو يُستهلك سياسيًا خلال الأشهر المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى