الرئيسيهتقارير

زيارة فوق العادة واستقبال فريد.. أبو جابرة حيث يخرج النفط، يسكن الفقر، وتعجز المستشفى الوحيد عن خدمة المرضى!!

أبو جابرة.. حيث يخرج النفط، يسكن الفقر، وتعجز المستشفى الوحيد عن خدمة المرضى!!

انهيار المشفى المرجعي يجمع الأهالي على نفرة بناء فريدة انهالت لها التبرعات.

رئيس الإدارة المدنية يأسف على حال المنطقة ويعد بغدٍ أفضل، والناظر يوصي

سوق المدينة.. طراز من الأمس، وقش وحطب يغطي الجنبات والأسقف!

من حيث يخرج بترول السودان، يعيش أهله الفقر بكل تفاصيله: بيوت من القش، أسواق متواضعة رغم عراقة التاريخ وغنى الأرض، بينما تنعم الخرطوم والمركز بخيراتها. تقف المدينة اليوم في مفترق طرق بين الحضارة والماضي والمعاناة، تشهد عليها كل المرافق الحيوية.
مستشفى وحيد جادت به خيرات البترول يقف عاجزًا عن تقديم الخدمة: بوابته تكاد تسقط على الأرض، سيارات الإسعاف متعطلة في وسط المبنى، لا تُسعف ولا تجد من يُسعفها. هنا قرر أهل أبو جابرة أن يستنهضوا الهمم عبر نفير جماعي يبدأ من الأهالي وينتهي بالإدارة المدنية الحالية.

زيارة فوق العادة سجلها رئيس الإدارة المدنية الأستاذ محمد إدريس خاطر ووفد إلى المدينة، حملت العديد من الدلالات وحققت من الأهداف ما سيبقى محفورًا في أذهان الكثيرين. من أبو جابرة كان تدشين لقاح الكوليرا، ومنها كانت نفرة الإعمار وتفقد الأهالي.
فخرج الصغار والكبار والنساء في لقاء حاشد ارتفعت فيه درجات الحرارة، بيد أن لهفة التلاقي حولت ساعات الظهيرة الساخنة إلى برد يحمل مشاعر الود. وشيخ طاعن في السن يصر على استقبال الوفد إكرامًا بحصانه و(حربة) يحملها في إحدى يديه، فسوق المدينة العامرة بالأسبوع الذي صادف الزيارة وقف لدقيقة تحية واحترامًا للقادمين. مشاهد لم تكتمل، وإصرار أهل الدار أبقى الحاضرين في كرم فياض حتى غربت شمس اليوم، ليسمحوا من بعد ذلك للزائرين بالوداع.

تاريخ ومكانة…

أبو جابرة ليست منطقة عادية؛ إنها مسقط رأس ناظر عموم الرزيقات الناظر مادبو.

نفرة لبناء المستشفى

في المدينة كان الوفد على موعد مع زيارة المستشفى الوحيد المتعطل، حيث جرى تدشين لقاح الكوليرا من هذه المنطقة.
مقرر اللجنة العليا د. عبد الباقي بشار أشار إلى أن أول مركز صحي في المنطقة تأسس في العام 1960، لكنه تهالك منذ 14 عامًا دون أي صيانة، رغم أن المحلية تضم أكثر من نصف مليون نسمة من النازحين والرحّل وسكانها الأصليين. المستشفى الوحيد يقدم الخدمات لثمانية مراكز طرفية، بينما تبلغ كلفة الصيانة المطلوبة 52 مليون جنيه.

أصوات من الإدارة الأهلية…

الناظر محمود إبراهيم مادبو أعلن دعمهم لحكومة التأسيس، وقال: “نهني حميدتي ونبارك له الحكومة، هذا تأييد مطلق من أبو جابرة. أمامنا مشروع لا بد أن نكمله بكل ما عندنا. الأمن هو الضمان الأول، وسنعض عليه بالنواجذ وحذر المتفلتين.

وأكد أن المستشفى هو نصيب أبو جابرة من بترول السودان، مطالبًا بالتوحد ودفع الزكاة وتثبيت الأمن باعتباره أساس التنمية.

موقف الإدارة المدنية

المدير التنفيذي للمحلية جودة آدم إبراهيم أكد أن المجتمع قادر على بناء نفسه بنفسه، قائلاً:
“نحن في خطوة جليلة هي مستشفى أبو جابرة. لدينا تبرعات من الإدارة المدنية بمليوني جنيه، ومن الإدارة الأهلية وجهات أخرى. نعرف الظروف التي نعيشها، لكن لا بد من استنهاض الهمم”.

رسائل من الجيش والإدارة

العقيد محمد ناجي عبيد قائد الفرقة الرابعة الضعين شدد في كلمته على أن الأمن هو الأولوية، مؤكدًا أن الإدارة الأهلية قادرة على لعب دور أساسي في ترسيخ الاستقرار. أعلن عن تبرعه بعشرة ملايين جنيه دعمًا للمستشفى.

رئيس الإدارة يحيي ويعد…

أما رئيس الإدارة المدنية لشرق دارفور محمد إدريس خاطر فقد حيّا الحضور وقال:
“إن أبو جابرة كيان حضاري واجتماعي. منذ أول يوم في الحرب كوّنا مكتبًا للإدارة المدنية وقررنا ألا تكون هناك حرب في الولاية. واليوم، رغم الدمار في ولايات دارفور الأخرى، ظلت ولايتنا خالية من الحرب بفضل الوعي المجتمعي”.

وأشار خاطر إلى أن المجتمع قادر على إعادة بناء المؤسسات التعليمية والصحية، مضيفًا:
“نريد 80% من طلاب أبو جابرة داخل المدارس حتى نصنع أجيالًا تقارع العالم”. وتأسف على تراجع المنطقة في تقديم أبنائها للتعليم.

نحو مستقبل أفضل..

أجمع المتحدثون على أن المرحلة المقبلة هي مرحلة الاستقرار والبناء، وأن الأولوية للخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومياه وكهرباء، مؤكدين أن أبو جابرة لن تقربها الحرب، وأن نفيرها هذه المرة هو للتنمية.

عسل ولبن في العسول!!

في منطقة العسول، إحدى قرى أبو جابرة، كنا على موعد مع ضيافة العمدة حسن توم، في دعوة ما منظور مثيلها: لبن وعسل وكريكيب. وهناك حضر العمد والأعيان والدعاة جميعًا في لقاء مختلف، كرموا الوفد برئاسة رئيس الإدارة المدنية الأستاذ محمد إدريس خاطر، وأطلقت من هناك نفرة إعادة تأهيل المستشفى، فانهالت التبرعات في مشهد تلاحمي كبير، عَنى بأن الاستقرار بات واقعًا. فغادرنا أهلها على أمل اللقاء مرة أخرى وقد تحقق حلمهم بعودة مستشفاهم، وهو أكثر قوة قادر على تقديم الخدمة كما ينبغي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى