
(…..) هذه تفاصيل قصة فساد الناموسيات المثارة و(…..) هكذا تحولت الاتهامات إلى إشادة من اليونيسف!!
مستعدون للمساءلة والمحاسبة وقادرون على تحمّل المسؤولية رغم الظروف الصعبة ولكن ……
(…..) لهذه الأسباب المحليات عاجزة عن تغطية أعبائها ورفد الولاية بالإيرادات
70 مركزًا صحيًا يعمل على مدار الساعة واستقرار كامل للكادر الطبي بشرق دارفور
قضية الناموسيات برّأت شرق دارفور وأكدت نزاهة التوزيع رغم العجز الكبير
مجتمع شرق دارفور صمّام أمان وحافظ على مؤسسات الدولة وسط ظروف الحرب
مشروعات البنى التحتية تُستأنف قريبًا بدعم الشباب والشركات المحلية
اللجنة العليا للسلم الاجتماعي نجحت في تجنيب الولاية الحرب منذ شرارتها الأولى
إجازة أول ميزانية عامة بالولاية في 2025 وتفعيل الدور التشريعي الرقابي
فتح رئيس الإدارة المدنية لولاية شرق دارفور محمد إدريس خاطر قلبه وتحدّث في مقابلة صحافية مع صحيفة (الأشاوس) عن التحديات والفرص التي تواجه الولاية في ظل المتغيرات الكبيرة التي تشهدها البلاد. خاطر تناول في سلسلة حوارية ملفات متشعبة: اجتماعية وخدمية، سياسية والتحالفات الجديدة، مرورًا بقضايا الأمن والاستقرار، وصولًا إلى معضلات الاقتصاد والزراعة وأوضاع النازحين والخدمات الأساسية، وكشف في إفاداته تفاصيل عن تحديات الولاية الاقتصادية.
وفي هذه الحلقة أفصح الرجل عن تفاصيل غائبة عمّا أثير بوجود فساد في توزيع الناموسيات في محليات الولاية من الألف إلى الياء، وكشف عن وقوف اليونيسف على الحقائق وما أثير، وذلك من خلال تقصٍّ ميداني، وكانت النتيجة مغايرة، بل عادت عليهم ــ بحسب قوله ــ بالإشادة للولاية باعتبارها الأفضل؛ حيث عملت بمواصفات التخزين الجيد، وتجاوزت هواجس التوزيع وتحمّلت المسؤولية ونفّذت العملية بصورة فنية رغم العجز الكبير في عدد الناموسيات.
خاطر ذهب إلى أبعد من ذلك وأبدى زهده، وفي ذات الوقت أكد استعداده للمساءلة والمحاسبة عن أي تقصير. فإلى مضابط الحلقة الثانية والأخيرة من الحوار:

قرار رئيس الوزراء بإنشاء وكالة وطنية ذات سيادة؟
إنشاء رئيس الوزراء لوكالة وطنية للخدمات الإنسانية أو تعزيز موقف الوكالة السودانية للإغاثة والخدمات الإنسانية، واضح أن التعامل سيكون مباشرة مع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات العالمية، وبالتالي سيكون لنا تعامل مباشر كحكومة سلام مع المنظمات بعيدًا عن بورتسودان.
السيد رئيس الإدارة المدنية، انسياب الخدمات مسألة ضرورية وملحة للمواطن؟
هي من ضمن أهداف الإدارة المدنية. الآن أكثر من (70) مركزًا على مستوى ولاية شرق دارفور يعمل بصورة دائمة ولمدة 24 ساعة.
وماذا عن الكادر الطبي؟
هناك استقرار كامل للكادر الطبي، من أطباء وكوادر مساعدة ومتطوعين.
علمنا أن الولاية تزخر بكبار الاستشاريين والاختصاصيين؟
هذه من الأشياء التي استطعنا أن نثبت بها الناس. كنا نحتفل بأي كادر طبي من أي مستوى، خاصة الأطباء، وفتحنا لهم المجال واسعًا سواء في العمل الخاص أو العام عبر التعاقد مع وزارة الصحة. كان هناك استقرار في الكادر، والآن هناك استقرار علاجي من ناحية الدواء والكادر الطبي. بل إن ولايات دارفور الأخرى تأخذ الأدوية من ولايتنا، وحتى على مستوى إجراء العمليات الطارئة لا توجد مشكلة.
تسيير دولاب العمل الطبي والصحي في ظل الظروف الضاغطة؟
نحن على مستوى الولاية نركز على دعم الخدمات الأساسية: الإمداد الكهربائي، المائي، الأدوية، وتوفير الأمن. هذا تقوم به الإدارة المدنية بصورة كاملة على مستوى وزارة الصحة بالولاية. هناك استقرار جيد في هيكلة وزارة الصحة وتعاملها مع المنظمات بشكل مدروس وتوجيهها نحو الحوجة الحقيقية.
ماذا بشأن الرواتب؟
الإدارة المدنية لديها حوافز مستمرة. الوضع مستقر إلى حد ما، وإن لم يكن مرضيًا بشكل كامل. لكن الجيد أن كل الكوادر من أبناء البلد، أما القادمون من ولايات أخرى فيدركون الظروف الصعبة التي نعيشها بسبب الحرب. هذا الأمر ينطبق على كل المؤسسات، والكادر استوعب الحالة الطارئة التي يعيشها الشعب السوداني، وبذلك هم مستمرون ومرابطون ومصممون على إيصال رسالتهم كاملة رغم الظروف، وبأقل كلفة ممكنة.
في مدخل أحد شوارع المدينة الرئيسة لافتة لمشروع من مشروعات البنى التحتية. ما تفاصيل المشروع وأين وصلتم؟
في بداية الخريف كان هدفنا إعادة ترميم الطرق، لكن المشروع توقف نسبيًا نتيجة لتعطل المعدات والوسائل المتعلقة بالعمل. في الأيام القادمة سيُستأنف العمل، فالفنيون موجودون. هناك شركة متعددة الأنشطة قدّمت منحة لولاية شرق دارفور، ومن هنا نقول لهم شكرًا. هم مجموعة من الشباب المخلصين، قمنا نحن بتوفير المعدات من لودرات وقلابات، وهم قاموا بالتمويل.
الشراكة مع المجتمع في الخدمات هل لها بوادر في ظل الاستقرار النسبي؟
حتى الآن لا توجد شراكة واضحة، باعتبار أن الحرب أنهكت الناس. الغرفة التجارية خلال العامين الماضيين كانت الممول الأكبر للحكومة، سواء على مستوى التأمين أو تبني بعض المشروعات الخدمية. ومع الاستقرار الحالي، أصبح الناس يتعاملون مع كل خدمة على أنها مسؤولية عامة وليست خاصة، لأن الحرب دائمًا ما تخضع لعنصر المفاجأة: اليوم نكون على حال، وغدًا على حال آخر.
خصوصية الولاية خلقت وضعًا مختلفًا؟
منذ اليوم الأول، التفّت ولاية شرق دارفور حول الإدارة الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني والمبادرات، وتوافقوا على ألا تكون حرب في الولاية. فتم إنشاء مكتب تنفيذي يجمع الإدارة الأهلية وكل المكونات الاجتماعية، والقرار الذي يخرج يصبح ملزمًا لكل مواطني الولاية. لذلك حدث الاستقرار وتكاتف الجميع، وأصبحت التجربة نموذجًا ناجحًا يفتخرون به.
بداية شرارة الحرب وتأخر تحرير رئاسة الفرقة؟
الإدارة الأهلية والشباب كوّنوا لجنة سُمّيت بـ “اللجنة العليا للسلم الاجتماعي بولاية شرق دارفور”. هذه اللجنة كُلّفت منذ اليوم الأول. ذهبت إلى قوات الدعم السريع واتفقوا معهم على أنهم لا يريدون حربًا، وفي حال انتصر الجيش فإن القطاع في الدعم السريع يسلم نفسه، والعكس صحيح. كذلك ذهبوا إلى الجيش وقالوا لهم: “لو انتصر الدعم السريع عليكم، عليكم تسليم الفرقة له ونحن نؤمّن خروجكم”.
بموجب ذلك التزم الطرفان، وصار القرار أن أي شخص يطلق رصاصة سيواجهه المجتمع نفسه. هذا ما جعل الحرب تتأخر هنا ولم تدخل في شكلها العنيف منذ البداية.
ما الذي جعل هذا العقد ينفرط؟
العقد لم ينفرط بقدر ما أن الدعم السريع سيطر على كل فرق الجيش العسكرية في ولايات دارفور عدا شرق دارفور. وبعملية تفاوض وتدخل حُسمت مسألة الفرقة بأقل الأضرار.
العلاقة بين الجهازين التنفيذي والتشريعي عنصر مهم للنجاح؟
نعم، الجهاز التنفيذي ممثل في الإدارة المدنية لديه سلطة مستقلة عن الجهاز التشريعي، الذي يقوم بالرقابة والتشريع. كلاهما مكمل للآخر، باعتبار أن الحكومة تتكون من ثلاث سلطات: تشريعية، تنفيذية، وقضائية. لا يمكن أن يعمل أحدها بمعزل عن الآخر.
هل دفعتم بتشريعات مهمة ذات أولوية؟
في ظل الحرب، أبقينا على كل القوانين في الخدمة المدنية سارية ما لم تتعارض مع الوثيقة الدستورية، باعتبارها المرجعية العليا للعمل التنفيذي.
في إطار العمل الرقابي، هل هناك تنسيق مع الجهاز التشريعي؟
أكيد، مجلس التأسيس المدني من حقه أن يستدعي أي وزير، والأبواب مفتوحة. وقد قاموا بطواف على كل المحليات ووقفوا على سير العمل التنفيذي وناقشوا التقارير. ولأول مرة في 15 يناير تمت إجازة الميزانية العامة لولاية شرق دارفور، ومن هنا انطلق عملنا بحمد الله.
حديث عن فساد في توزيع الناموسيات، وما ردكم؟
هذه الشائعة أضرّت بنا كثيرًا. للأسف بعض وسائل إعلام الدعم السريع تناولتها دون تحقق.
في الأصل، استلمنا (643 ألف) ناموسية من منظمة اليونيسف لولاية شرق دارفور. قيل إنها بيعت قبل دخولها المخازن. المنظمة كوّنت لجنة من 15 شخصًا برئاسة المدير الإقليمي، وجاءت إلى الولاية واطمأنت على وجود الناموسيات في المخازن. بعدها عقدنا مؤتمرًا صحفيًا أوضحنا فيه أن عدد سكان الولاية (3) مليون نسمة والناموسيات أقل من الحاجة بكثير. طلبنا من اليونيسف معالجة العجز.
ما هي ملاحظات اليونيسف إذًا بعد الوقوف ميدانيًا؟
على العكس، وجدوا أن ما قيل عن بيع الناموسيات مجرد كذب. بعض الجهات لا تريد للولاية أن تتعامل مباشرة مع المنظمات. لكن اليونيسف أشادت بولايتنا، وأكدت أننا الولاية الوحيدة في السودان التي وزعت الناموسيات فعليًا على المواطنين بدلًا من بقائها في المخازن.
كيف تم التوزيع على المحليات؟
وزارة الصحة شكّلت لجنة قسمت الناموسيات على 8 محليات كالتالي:
أبو جابرة: 64,000
أبو كارنكا: 70,750
بحر العرب: 75,250
عديلة: 64,300
الضعين: 114,300
عد الفرسان: 70,750
عسلاية: 67,550
شعيرية: 45,300
هذا هو التوزيع الرسمي، وهناك لجان مدنية تشرف على العملية وترفع تقاريرها. لكن العجز الكبير خلق إحباطًا لدى بعض المواطنين.
اكتمال هيكل الإدارة المدنية على مستوى المحليات؟
في بعض المحليات اكتفينا بالضابط التنفيذي باعتبار أننا في فترة حرب، واكتمال الهيكل قد يربك العمل. ومع ذلك، هم قائمون بمهامهم كاملة رغم الممانعات، وفعّلوا المؤسسات، والآن 50% من المدارس في المحليات مفتوحة.
هل تعتمدون على المحليات في توفير الموارد؟
للأسف لا. في ظل الظروف الراهنة ومنع التصدير، المحليات عاجزة عن تغطية أعبائها أو رفد الولاية بالإيرادات. هذا أثّر على العاصمة الضعين، ونحن نتدخل مباشرة في المسائل الأمنية.
رسائل مهمة؟
الرسائل على شقين:
للحكومة: نقول ألف مبروك لحكومة التأسيس، ونتمنى لهم التوفيق في استكمال الهياكل لإقامة المؤسسات الدستورية والاقتصادية.
لمجتمع شرق دارفور: أشيد بالمجتمع العملاق الذي حافظ على مؤسسات الدولة، وتماسكه الاجتماعي، ونبذه خطاب الكراهية. أقول لهم: استقوا المعلومة من القنوات الرسمية، أبوابنا مفتوحة لأي شكوى أو ملاحظة تخص الأمن أو الاقتصاد أو الإدارة العامة. نحن مستعدون للمساءلة والمحاسبة، وقادرون على تحمّل المسؤولية رغم الظروف الصعبة.