الرئيسيهحوارات

مدير عام هيئة مياه شرق دارفور المهندس حامد عبد الله الدكوم في حوار مع صحيفة (الأشاوس)

(……) هكذا حولنا الشلليات و(الحفر) إلى طاقات لحفر الآبار وحل أزمة إمداد المياه !

تحدي الوقود وعزوف المواطن عن سداد الفاتورة أكبر مهدد لاستمرار الإمداد ولكن ……

354 بئرًا على المحك في الصيف القادم لهذا السبب..

المياه عصب الحياة ولن نتوقف عن السقيا مهما كانت التكاليف

المنظمات الدولية تمد أياديها.. وشراكات تنقذ آلاف العطشى

المواطن مدين للهيئة بـ(2) ترليون جنيه.. ونطالب بالسداد قبل الصيف

(الدكوم ألمي نعوم).. هكذا هتف الأطفال فرحًا بعد تدفق أول قطرات مياه على شبكة مدينة الضعين، بعد أكثر من عامين من الانقطاع. فشل المديرون السابقون في معالجة الأزمة قبل اندلاع الحرب، لكن بفضل الله وعزيمة مدير الهيئة الحالي المهندس حامد عبد الله الدكوم، عادت المياه إلى المدينة وتدفقت إلى معظم محليات الولاية رغم الظروف العصيبة.

(ألمي نعوم) عبارة أطلقها الصبية تعبيرًا عن فرحتهم، أي أن المياه تدفقت بغزارة لدرجة أنهم يتخيلون السباحة فيها، في إشارة لنجاح الدكوم في إعادة الإمداد المائي.

في هذا الحوار، يفتح لنا المهندس الدكوم قلبه متحدثًا عن التحديات التي واجهته، وعن الخطط التي وضعتها الهيئة لتأمين المياه للمواطنين.

مرحبًا باشمهندس.. نبدأ من سؤال مباشر: كيف صمدت هيئة المياه طوال فترة الحرب دون تخريب أو سرقة؟

الحمد لله، هذا يعود أولًا لوعي إنسان شرق دارفور. منذ بداية الحرب سعى المواطنون والأهالي بالتنسيق مع قوات الدعم السريع والإدارات الأهلية والشباب لتأمين المرافق العامة. تشكلت لجان أمنية حافظت على المؤسسات، فكانت ولايتنا نموذجًا في حماية الممتلكات العامة.

المدينة عانت من أزمة مياه طويلة.. كيف نجحتم في إعادة الخدمة وسط ظروف بالغة التعقيد؟

عندما تسلمت مهامي كانت المياه متوقفة لعامين كاملين، حتى أن المواطن نسي شكل المياه في الشبكة الداخلية. أول ما قمت به هو جمع العاملين ووضع خطة طوارئ لثلاثة أشهر.
وجدنا بعض المخزون في الخزانات (500 متر مكعب في محطة أجا، و400 متر مكعب في المحطة البيطرية)، واستفدنا منه كبداية، ثم وفرنا الوقود وأعدنا تشغيل الشبكة تدريجيًا.
رغم ارتفاع تكلفة الوقود من 960 ألفًا إلى 1.6 مليون للبرميل، أصررنا على تشغيل المحطات وعدم التوقف. عملنا بلا توقف رغم ضعف استجابة المواطنين في سداد الرسوم، خاصة وأن الحرب ضاعفت عدد السكان وارتفعت الحاجة للمياه.

هل واجهتم مشاكل في التمويل والتحصيل؟

نعم، المشكلة الأساسية كانت في التحصيل. مديونية المواطنين الآن تتجاوز (2) ترليون جنيه، ولو سددوا لاستطعنا العمل بكفاءة أكبر. كلفة التشغيل عالية جدًا، إذ نحتاج أسبوعيًا إلى (22) برميل جازولين بما يعادل (32) مليون جنيه. ومع ذلك، استمر العمل بفضل نسبة (13%) من التحصيل التي وفرها المركز، إضافة لمساهمات قوات الدعم السريع والإدارات المحلية.

وماذا عن الشبكات والامتدادات الجديدة؟

تمكنا من مد ثلاثة خطوط رئيسية بطول (1700) متر، ودخلت أحياء عدة الخدمة منها: حي المطار شمال، حي العرب، وأم سكينة. هذه الامتدادات قللت كثيرًا من طلبات الصهاريج.

هل ساهمت المنظمات في دعم خدمات المياه؟

بالتأكيد. نفذت منظمة كير خطًا في حي النيم، ومنظمة ورلد فيجن خطًا آخر لمعسكر المنار. أيضًا ساهمت منظمات القواعد الخضراء، الصليب الأحمر، وأليت في إنشاء وصيانة محطات مياه وتوفير مواد توصيل. هذا الدعم كان سندًا كبيرًا للمواطنين.

هناك شكاوى من ضعف الإمداد في بعض الأحياء.. ما السبب؟

المشكلة الأساسية في قطع الغيار وغلاء أسعار الطلمبات والمعدات، إضافة إلى أن كثيرًا من الآبار تجاوز عمرها الافتراضي. لدينا (354) بئرًا، منها (252) فقط تعمل. بعد عامين قد يتوقف معظمها إن لم نجد دعمًا عاجلًا للحفر والصيانة.

كيف تعاملتم مع انتشار الأوبئة وخطر التلوث؟

قبل ظهور الكوليرا، وقعنا مذكرة تفاهم مع وزارة الصحة وكونا لجنة مشتركة. قمنا بكلورة جميع الآبار مرتين، وشكلنا فرقًا لمعالجة كسور الخطوط لتفادي التلوث. ولدينا الآن مخزون كافٍ من الكلور وسنواصل في هذا الجانب حفاظًا على صحة المواطن.

وماذا عن الكوادر الفنية؟ هل عانيتم من التسرب؟

وجدت عند استلامي متأخرات لستة أشهر للعاملين، فعملت على معالجتها. وضعنا لائحة مالية جديدة برواتب مجزية، واستوعبنا (150) موظفًا لسد النقص. اليوم لدينا (55) مهندسًا وفنيًا، وأكثر من (700) موظف مستقرين في عملهم، وهذا ساعد كثيرًا في استقرار الخدمة.

سر استقرار الإمداد المائي طوال العام الماضي؟

السبب في ذلك أننا بدأنا بداية جديدة. أوقفنا الخلافات الداخلية والشلليات داخل الهيئة، وجعلنا المصلحة العامة فوق كل اعتبار. اتفقنا جميعًا على أن خدمة المواطن هي الهدف الأول، فعملنا بروح الفريق الواحد، وكانت النتيجة استقرارًا غير مسبوق.

كلمة أخيرة؟

أشكر جميع العاملين في هيئة مياه شرق دارفور، فقد كانوا السبب الحقيقي وراء هذا النجاح. وأقول للمواطنين: المياه عصب الحياة، ولن نبخل بجهد في سبيل استمرارها، لكننا نحتاج إلى وقوفكم معنا عبر الالتزام بسداد الفواتير حتى نضمن صيفًا خاليًا من العطش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى