الرئيسيهعبدالعزيز ضاويمقالات

عبد العزيز ضاوي يكتب: المدن ليست ثكنات لمليشيات الجيش… لا أرضاً ولا سلاحاً، اخرجوا فوراً

تحديات على ذاكرة الوطن

لم يعد في الصدر متّسع للصمت، ولا في المدن متّسع للسلاح. تقف كادقلي والدلنج اليوم على حافة الانفجار، ليس بسبب أهلهما، بل بسبب مليشيات الجيش الخاضعة لسيطرة الحركة الإسلامية، التي اختطفت المدن وحوّلتها إلى ثكنات، وجعلت المدنيين دروعًا بشرية، والأحياء السكنية ساحات انتظار للموت. هذه المليشيات لم تترك شيئًا للعيش الآمن؛ المدارس صارت مواقع عسكرية، المستشفيات أهدافًا محتملة، والأسواق ساحات رعب دائم.
من هذا الواقع الدموي تنبثق مبادرة تجنيب كادقلي والدلنج الصراع المسلح كبركان غضب ووعي، لا يطلب الإذن ولا يقبل المساومة. المبادرة تقول بوضوح لا لبس فيه: المدن ليست ساحات حرب، ولا غنائم بيد المليشيات، ولا ملكًا لمن يحمل السلاح. كل ساعة يُترك فيها السلاح داخل المدينة هي ساعة تهديد مباشر للمدنيين، وكل لحظة غياب النظام والرقابة تحوّل المدينة إلى فخ للدمار.
هذه ليست دعوة ناعمة، بل موقف ثوري حاسم. المبادرة تضع مطلبها بلا مواربة: انسحاب فوري وكامل لكل مليشيات الجيش من كادقلي والدلنج. لا إعادة انتشار، لا تمويه أمني، ولا خداع بالأسماء. خروج يعني خروج، وتسليم المدن لأهلها، لا إبقاؤها رهائن لمعارك سياسية لا تخصهم.
وفي مواجهة هذا الخراب المنظّم، تطرح المبادرة بديلاً وطنياً واضحًا: استلام تأمين المدن بواسطة جيش التأسيس، كقوة وُجدت لحماية المدنيين وتجنيبهم نيران الصراع، لا لاستخدامهم وقودًا لحروب سياسية خاسرة. جيش يفصل بين السلاح والمدينة، ويعيد للمدن معناها المدني وحقها في الحياة، ويضع حدًا لعسكرة المدن.
ما يحدث في كادقلي والدلنج ليس خطأً عابرًا، بل جريمة أخلاقية وتاريخية مكتملة الأركان. من يصرّ على عسكرة المدن عدو للحياة، مهما ارتدى شعارات مزيّفة. تحويل المدارس إلى مواقع قتال، والمستشفيات إلى أهداف، والأسواق إلى ساحات رعب، كل ذلك يؤكد أن المليشيات عدوتنا المباشرة.
هذه المبادرة هي صوت الشارع حين يغضب، وصوت الأمهات حين يرفضن دفن أبنائهن، وصوت المدن حين تقرر أن تعيش. إنها دعوة لكل لجان المقاومة، والإدارات الأهلية، والشباب، والنساء للوقوف صفًا واحدًا دفاعًا عن المدن.
المدن ليست ثكنات لمليشيات الجيش… لا أرضاً ولا سلاحاً، اخرجوا فوراً.
كادقلي والدلنج مدينتان للشعب، ومن يصرّ على اختطافهما بالسلاح، فليستعد… لأن بركان الوعي الشعبي قد بدأ، ولن يُطفأ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى