سوما المغربي تكتب: مسار التغيير لم يكتمل بعد
في لحظة مفصلية من تاريخ السودان برز القائد العام ورئيس المجلس الرئاسي بوصفه أحد الداعمين لمسار التغيير، والواقفين على حمايته بوصفه خيارًا وطنيًا لا رجعة عنه، فمنذ اندلاع الثورة، أعلن بوضوح انحيازه لإرادة الشعب، مؤكدًا أن حماية الثوار وصون مكتسباتهم مسؤولية أخلاقية ووطنية تقع على عاتق القيادة، وأن دماء السودانيين وتضحياتهم لا يجوز أن تُستغل أو تُفرَّغ من مضمونها.
لقد عبّر القائد العام في أكثر من مناسبة عن قناعة راسخة بأن مسيرة التغيير ليست حدثًا عابرًا، بل عملية تاريخية ممتدة، تتطلب الثبات والحكمة والتوافق الوطني، وأكد أن الدولة لا يمكن أن تستقر إلا على أسس العدالة والحرية، وأن الحكم الديمقراطي المدني هو الغاية التي يتطلع إليها السودانيون بعد عقود من الصراعات والانقلابات والأنظمة الشمولية.
خاضت قوات الدعم السريع هذه الحرب في ظرف معقّد، وأثبتت قدرتها كقوة عسكرية منظّمة، قبل أن تنتقل تدريجيًا إلى مقاربة سياسية تسعى لفتح أفق جديد، عبر توقيع ميثاق التأسيس، والشروع في خطوات لتكوين حكومة في الولايات الواقعة تحت سيطرتها، وفي الأراضي التي خرجت من قبضة النظام الإسلاموي المتمركز في بورتسودان، ويُنظر إلى هذه الخطوة بوصفها محاولة لمعالجة فراغ السلطة، وتوفير حدٍّ أدنى من الإدارة المدنية التي يحتاجها المواطن في ظل الانهيار الشامل.
في مسارٍ موازٍ، ظل القائد العام لقوات الدعم السريع يعلن التزامه بخيار السلام، مرحبًا بالمفاوضات، ومتعاونًا مع الجهود الدولية والإقليمية، لا سيما فيما يتعلق بوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية، وقد انعكس ذلك عمليًا في تسهيل الإغاثة ومساعدة المدنيين في المدن المحررة، وهو ما منح هذا المسار بعدًا إنسانيًا لا يمكن تجاهله في تقييم المشهد.
وتشير الوقائع إلى أن قوات الدعم السريع أدّت، ولا تزال، مهامًا متعددة تشمل تأمين الحدود، وحفظ الأمن الداخلي، وتأمين العمليات الإغاثية، فضلًا عن امتلاكها وحدات مكتملة وهيكلًا تنظيميًا موحدًا، شكّل عنصر قوة في أدائها خلال المرحلة الماضية.
في السياق ذاته، تبرز مطالب أقاليم غرب السودان دارفور وكردفان والنيل الأزرق، التي شكّلت تاريخيًا مركزًا للحركات المطلبية والثورية، فالدعوة لتكوين حكومة مدنية في هذه المناطق لم تنبع من فراغ، بل من معاناة طويلة، ومن حق أصيل للمدنيين في إدارة شؤونهم، في ظل إصرار سلطة بورتسودان على مواصلة حرب يدفع ثمنها المواطنون وحدهم.
هكذا، يبدو أن مسار التغيير في السودان لم يُغلق بعد، وأن ديسمبر، بكل رمزيته، ما زال حاضرًا كمرجعية، في صراع مفتوح بين مشروع دولة مدنية، ومحاولات مستمرة لإعادة إنتاج الحكم الإخواني بأدوات جديدة.
سوما المغربي
ديسمبر ٢٠٢٥



