
محمد عمارة
كلما ارتبط عقل الإنسان بالجهل، ازداد إيمانه بالخرافات. والعلم هو السلاح الوحيد القادر على مواجهة العبودية والتحرر من قيودها.
إن عبودية العقل في زماننا هذا تتصدر القائمة، وهي أبغض أنواع العبودية. وهي أيضًا سلاح فتاك استخدمته دولة الجلابة ضد شعوب الهامش منذ بداية الاستقلال المشوَّه خلقيًا.
ومنابر الوعي هي المخرج الوحيد؛ فكلما ازداد العقل وعيًا ومعرفة أعلن التمرد على العبودية، وفتح نافذة جديدة من نوافذ الحرية.
وإذا تطرقنا إلى الوضع في السودان ونوع العبودية التي فُرضت على شعوب الهامش، نجد أن دولة (٥٦) قد استخدمت سلاح الاستعمار الداخلي ضد هؤلاء الفلنقايات المساكين. فقد استغلت جهل عقولهم وفرضت عليهم العبودية باسم الدين والسلطة وأعراف النخب النيلية الاستعمارية. وهؤلاء الانتهازيون من الشريط النيلي (وليس كل الشمال النيلي) استخدموا الجيش مجرد سلاح يحمي مصالحهم ويحقق أهدافهم. أما الجيش نفسه، فهو مطية لا تعلم من يمتطي ظهرها. وهذا بحد ذاته نوع آخر، أخطر حتى من العبودية نفسها، ولم يجد له علماء الاجتماع مسمّى حتى الآن.
أما الفلنقاي فهو عقلية تحتاج إلى التحرير عبر التزود بالمعرفة. فالعقل المتسلح بالعلم لا يمكن استعباده بسهولة.
لقد قامت دويلة (٥٦) الانتهازية بتضليل شعب الهامش منذ زمن طويل باستخدام سلاح الجهل وتغبيش الوعي، مما عمّق جذورها في الأرض حتى انفجرت الثورة العظيمة في ١٩ ديسمبر. ثم جاءت ثورة ١٥ إبريل المسلحة لتكون امتدادًا طبيعيًا لثورة ديسمبر الشعبية.
وهاتان الثورتان كانتا نتيجة لانفجار الوعي الشعبي المضاد للجهل، الذي حرّر عقلية الهامش من تبعية دولة (٥٦) المشؤومة، وطرد الجهل المركب والمصطنع من عقول أبنائه.
لكن ما تبقى من الجهل استقر في عقلية المشتركة ومقاتلي حركات الارتزاق، الذين ارتبطوا بالجهل منذ بداية حرب دارفور عام ٢٠٠٣. فهذا الجيل لم يحظَ بتعليم ولا وعي، فأصبحوا فلنقايات جدد تحت استعمار تلك الحركات المرتبطة بدولة (٥٦).
نسأل الله أن يحرر عقولهم.
الثورةثورةوعي
لازم نحرر العقول