
رغبة التغيير في نفس كل ضابط حُر .. ولهذه الاسباب اعلنت انضمامي للدعم السريع
الجيش أصبح شركة أمنية كبيرة تديرها الحركة الاسلامية…
(الفلول) اشعلوا الحرب خوفاً على امتيازاتهم.. واستعطفوا البسطاء بالخطاب الديني الذي افقدنا الجنوب
حكومة (تأسيس) تأخرت كثيراً، وامامها سانحة مهمة لتوحيد الوطن وبنائه
حوار : يونس الفكي
بعد أشهر قليلة على اندلاع حرب 15 أبريل، قفز المقدم مظلي محمد احمد جازم من سفينة جيش الحركة الاسلامية الموقل في العنصرية والفساد والمحسوبية، معلناً انحيازه لخيار السودانيين الأحرار، مناصراً لقضايا شعوب الهامش التي عانت من ظلم الدولة القديمة، هبط برئاسة قطاعات كردفان ليبدأ سيرة ناصعة مليئة بالتضحيات والعطاء..جلسنا اليه خلال حلقتين لنتعرف على رحلته، وكيف ولماذا انحاز لخيار الشعب .
المقدم محمد جازم اسم لمع في صفوف الجاهزية ضابط لا يشق له غبار ؟
انا المقدم مظلي محمد احمد جازم من مواليد ولاية شرق دارفور، الدفعة 53 كلية حربية، التحقت بالكلية الحربية السودانية في نوفمبر 2004م، وتخرجت في فبراير 2008، وخضعت لجميع الدورات الأساسية والمتخصصة منها دورة تربية ودورة قفز وصاقعة أساسية ودورة قفز وصاقعة معلمين،دورة صاقعة معلمين المملكة العربية السعودية، ودورة قادة فصائل وسرايا وكتائب بمعهد جبيت،ودورة طبوغرافيا أساسية ومتقدمة ودورة خرائط رقمية، كما حصلت على بكلاريوس في العلوم العسكرية ودبلوم في إدارة الأعمال، نلت وسام الدفاع الذهبي، ونوط الواجب، ونوط المعركة، ونوط الخدمة الطويلة الممتازة.
عملت بكل افرع الفرقة التاسعة المحمولة جواً، ولواء الاقتحام الجوي، ولواء الصاقعة، واللواء المظلي، ولواء الحزم الثالث اليمن، وايضاً عملت معلم بمعهد تدريب المظلات ومعهد تدريب المشاة جبيت.
لم تتردد في إعلان الانضمام للدعم السريع عند اندلاع الحرب؟
نعم .. اعلنت انضمامي لقوات الدعم السريع في اكتوبر 2023م برئاسة قطاعات كردفان وشغلت منصب رئيس شعبة الادارة والعمليات والإمداد وشاركت في كل الانتصارات التي تحققت بكردفان منذ حقبة الشهيد شيريا الى اليوم.
ما الذي دعاك للخروج من الجيش والانضمام للدعم السريع؟
في الحقيقة جذوة الثورة لم تنطفي ابداً في صدورنا رغم عملنا الطويل بالجيش، وكانت رغبة التغيير في نفس كل ضابط شريف وحر، فلم يكن بإمكاني تفويت هذه الفرصة العظيمة للوقوف في صف ملايين السودانيين الذين يتوقون للحرية والسلام والعدالة، كذلك لمسنا الصدق والاخلاص فيما يقوم به الدعم السريع وقائده، هذا على المستوى الشخصى اما على المستوى العام فقد خسر الجيش مهنيته واصبح شركة أمنية كبيرة تخدم أجندة الحركة الاسلامية، يعبثون به كيفما شاؤا، فضلاً عن تفشي الاهمال والظلم والمحسوبية في أروقة مؤسسة يفترض انها تكون مرآة لكل السودانيين دون تمييز أياً كان أساسه، ايضاً من الأسباب، تم تصنيف كل الضباط المنحدرين من كردفان ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق على انهم ينتمون لحواضن الدعم السريع وبالتالي كان يتم مراقبتنا والتجسس علينا والحد من دورنا داخل الوحدات التي نعمل بها، وهناك ضباط تم سجنهم على هذا الاساس واخرين فقدوا حياتهم لا لشيء سوى انهم من مكونات خارج الفئات المسيطرة على الجيش، كل هذه العوامل سهلت قراري وقرارت الكثير من الضباط بالإنضمام للدعم السريع.
كيف خرجت من اللواء 54 الدلنج؟
في الآونة ما قبل خروجنا من اللواء 54 الدلنج، تم عزلنا تماماً عن محيطنا وحتى اذكر انه تم ابعادي من قروب الواتساب الخاص بضباط اللواء 54 الدلنج، وكذلك قروب الدفعة 53، وبعد سيطرة قوات الدعم السريع على اللواء 53 هبيلا تمت تصفية عدد من الضباط وضباط الصف والجنود بزريعة تعاونهم مع الدعم السريع وتسهيل دخوله منطقة هبيلا بعد ذلك فكرت جدياً في ايجاد طريقة للخروج بصحبة حوالي 8 ضباط و119 فرد في ظل وضع معقد للغاية، والحمد لله تمكنا من الخروج بالتنسيق مع اخوانا في قطاعات كردفان بقيادة الشهيد البطل عبدالمنعم شيريا.
ما الفرق الذي لمسته خلال مسيرتك بالجيش والدعم السريع ؟
للأمانة العمل داخل تشكيلات قوات الدعم السريع يختلف كثيراً عن الجيش، هنا لا فوارق ولا أفضلية بين الضابط والفرد او بين فرد وآخر حيث يعمل الجميع بتناغم وانسجام من اعلى الهرم الى اسفله، كما ان الدعم السريع يهتم بالفرد على مستوى التدريب والتأهيل والتسليح مع رغبة مستمرة في التطوير وهو ما لا يتوفر في الجيش حيث تحتكر المليشيات الاسلامية التدريب النوعي وكذلك الأسلحة الاستراتيجية بعيداً عن متناول الجيش، والدليل على ذلك سيطرة مليشيا البراء على أهم اسلحة الجيش وهي سلاح الجو والمدرعات وكذلك المسيرات، وهناك أمر اخر مهم..الجيش ليس مؤسسة قومية كما يدعى وليس بإمكان اي سوداني دخول الكلية الحربية ودائما ما يتم تخصيص نصيب وافر من الفرص لأبناء نهر النيل والولاية الشمالية، وبالمقابل تُخصص فرص لا تتعدى العشرة لبقية اقاليم السودان مجتمعة وهو أمر اضر بسمعة وقومية ومهنية الجيش.
بصفتك ضابط رفيع بالقوات المسلحة سابقاً كيف قامت هذه الحرب؟
هذه الحرب لم تكن أبداً خياراً للسودانيين او قوات الدعم السريع، ولم يسعوا لها، وتم التخطيط لها منذ فترة طويلة داخل أروقة الجيش بعد تنامي المخاوف من فقدان الامتيازات والاستثمارات ومع اقتراب عودة الجيش لحضن الشعب ليكون حارس لتراب الوطن وسيادته، شعر الاسلاميين بالخطر ولجأوا الى خيار الحرب، واستعطفوا البسطاء بالخطاب الديني القديم الذي افقدنا جزء عزيز من وطننا في السابق.
اذا عادت بك الايام للوراء
. هل ستتخذ نفس القرار؟
بالطبع لن اتردد لحظة في الوقوف بجانب تطلعات الشعب السوداني، وبجانب الأشاوس، وللأمانة كلما نظرت الى نفسي اشعر بالفخر على قرار انضمامي لقوات الدعم السريع حيث ارى انني قمت بأهم قرار في حياتي المهنية.
وصية للأشاوس في محاور الميدان المختلفة؟
قبل الوصية لا بد من الاشادة بما قامت به قوات الدعم السريع خلال الحرب رغم عنصر المفاجأة الذي استخدمه الجيش عندما اشعل الحرب، حيث حققت وما زالت تحقق انتصارات عظيمة على الجيش ومليشياته، وفي هذا الصدد ندعو الاشاوس بكافة محاور القتال الى المحافظة على هذا النسق حتى القضاء نهائياً على فلول الحركة الاسلامية، نحن خلال هذه الحرب قدمناً دماء ذكية وأرواح طاهرة مهراً للحرية، ونبشر امهات الشهداء والجرحى والمفقودين ان النصر الشامل غاب قوسين او أدنى، ونحن على هذا الطريق اما حياة تسر الصديق واما ممات يغيظ العدا.
رأيك في اعلان حكومة تأسيس؟
حكومة تأسيس تأخرت كثيراً، في ظل معاناة شعوب الهامش من التمييز العنصري وحرمانهم من حقوقهم التي كفلها لهم القانون والدستور، وايضاً حرمانهم من اهم الخدمات مثل التعليم والمياه والكهرباء والصحة وغيرها.
لذلك في تقديري ان هذه الحكومة امام سانحة مهمة لتوحيد تراب هذا الوطن وبنائه، واحلال السلام وافشاء العدل بين الناس.
رسالة أخيرة
شكراً لكم على هذه الاستضافة والتحية عبركم لكل الجنود المجهولين الذين يقومون بدورهم بعيداً عن أعين الاعلام، نحن نتطلع لخوض حقبة جديدة من تاريخ السودان تتطلب أن يعمل الجميع بقلب رجل واحد حتى نبني سودان جديد على أسس تضمن لأجيالنا القادمة فرص العيش الكريم وتصون كرامة الانسان السوداني، المعركة طويلة ويجب أن نظل مستعدين لحسم أي مغامرة للفلول وتطهير بلادنا من التشوهات التي صبغتها خلال العقود الأخيرة.