
بقلم : جمعة حراز
في لحظة فارقة من عمر الوطن، سجّلت ولاية شرق دارفور حضوراً مهيباً في ساحة النضال الوطني، من خلال انعقاد الملتقى الجامع للإدارة الأهلية ودعم قرارات الإدارة المدنية، تحت شعار عميق الدلالة: (أمن.. تعبئة.. استنفار). جاء الحدث برعاية كريمة من رئيس الإدارة المدنية، وإشراف مباشر من الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع، ليترجم واقعاً متقدماً من الوعي الشعبي والانحياز الصادق لقضية الوطن.
الملتقى لم يكن مجرّد فعالية؛ بل كان استفتاءًا جماهيرياً مفتوحاً على الثوابت الوطنية، شاركت فيه كل مكونات المجتمع المحلي، من قيادات أهلية ومدنية، ووفود شبابية، وكيانات نسوية، ومبادرات مجتمعية، في لوحة زاهية جمعت بين إرادة الأرض ونبض الإنسان.
وفي أجواء يملؤها الحماس والعزيمة، صدحت الكلمات من المنصة، مؤكدة الدعم الكامل لقرارات الإدارة المدنية، والاصطفاف خلف القائد الفريق أول محمد حمدان دقلو، بوصفه رمز الإرادة الحرة وصوت السودان الحقيقي. لم تكن الخطابات شعارات، بل تعبيراً حيّاً عن وعي جماهيري متقد، يرى في معركة الحرية معركة وجود، وفي مشروع التحول المدني بوابة الخلاص.
تحوّل الملتقى إلى ساحة تعبئة شاملة، حيث أعلن عدد من المشاركين التبرع بأرواحهم وأموالهم، دعماً لجبهات القتال ونصرة لوجود. ورفرفت شعارات النصر في سماء المناسبة، وهتف الجميع: “كلنا السودان.. كلنا حميدتي”، في ملحمة وطنية جمعت بين صوت البندقية وحكمة الإدارة الأهلية، وروح المجتمع المدني.
لقد عكست هذه الفعالية ذروة النضج السياسي والاجتماعي، وأكدت أن شرق دارفور لم تكن يوماً على هامش الأحداث، بل كانت ولا تزال في قلب المعركة، بوعيها الشعبي، وقوة إدارتها، ووضوح موقفها. إنها الولاية التي تكتب تاريخها بمداد الصمود، وتشكّل ركيزة أساسية في بناء السودان الجديد.
وهكذا، خرج اللقاء الجامع برسائل عنفوان، هزّت الأوساط السياسية والإعلامية، مفادها أن المشروع الوطني ماضٍ، وأن شرعية الأرض أقوى من زيف المواقف، وأن دارفور – بكامل إرادتها – قد حسمت خيارها: الحرية، الكرامة، والسيادة الوطنية.
إنه العهد الجديد الذي تُدشِّنه شرق دارفور من قلب الحراك الشعبي، لتبقى كما كانت عبر التاريخ: أرض الوفاء، وصوت الشعب، ورمح الوطن المرفوع نحو فجرٍ لا يُخيّب العزم ولا يُساوم على المبادئ.