
سوما المغربي
برزت اليوم تحولات في المشهد السياسي السوداني، بدايةً بالتصعيد الإماراتي ضد نظام بورتسودان، والتساؤل عن الدور الذي يمكن أن تقوم به الإمارات في قبول “حكومة التأسيس”.
فمن حيث استنكر نظام بورتسودان على دولة الإمارات اتخاذ موقف حقيقي منه، رغم أنها لم تقف يومًا ضد الشعب السوداني، بل وقدمت تسهيلات للمقيمين واللاجئين السودانيين بعد حرب أبريل، وكل ذلك رغم الهجوم المباشر والشكاوى الدولية والتصريحات تجاهها من حكومة بورتسودان والبرهان وجنرالاته.
ما يحدث في حقيقة الأمر أن دولة الإمارات تسير وفق سياستها الداخلية وحفظ سيادتها، كما أنها جزء من نظام عالمي وإقليمي أصبح واضحًا أنه يحارب النظام الإخواني المتطرف، وهذا ما أعلنت عنه الدول الكبرى في سياساتها تجاه المنطقة وأزماتها!
الواقع اليوم يتحدث عن نفسه، فالمتغيرات تشمل الجميع، ومن بعد إعلان حكومة التأسيس التي قدمت نفسها كحكومة للسودان من صلب نضال الشعب وفرضت واقع قبولها، لم تُصرح الإمارات بدعمها وقبولها، لكن ضمنًا يعتبر أن حكومة التأسيس هي التي تمثل النظام القادر على إنهاء وجود النظام الإخواني في السودان. فالمنطق يقول إن نزع الشرعية من حكومة بورتسودان وتقديم الميثاق الذي يحقق تطلعات الشعب السوداني هو المسار الذي يمضي، ويجب أن يجد التأييد والدعم من محاور الإقليم.
اليوم اتجهت الإمارات نحو التصعيد مع نظام بورتسودان، خاصة بعد أن اتهمت الحكومة السودانية الإمارات بدعم قوات الدعم السريع، بينما نفت الإمارات هذه الاتهامات. هذا التصعيد قد يؤثر على جهود حل الأزمة في السودان، وربما يكون القصد منه إفشال الاتجاه للمفاوضات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية وتم إرجاؤها لاحقًا. فكلما برزت جهود لصنع سلام ووقف نزيف الحرب، كان النظام الإخواني السوداني سابقًا لمحاولة إفشالها، وهذا ما حدث اليوم.
دور دولة الإمارات المحوري، كونها من قوى الإقليم، جاء تاريخيًا من خلال أحداث سابقة مثل قطع العلاقات الدبلوماسية، حيث قرر مجلس الأمن والدفاع السوداني لحكومة بورتسودان قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، واصفًا إياها بـ”دولة عدوان”، وتقديم شكوى إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي من قبل الحكومة السودانية، والتي جاء القرار فيها حاسمًا بعدم تدخل الإمارات في الشأن السوداني. وقد نفت الإمارات الاتهامات الموجهة إليها، مؤكدة دعمها للسودان واستقراره.
اليوم، سواء الإمارات أو غيرها من دول الإقليم التي تتخوف من قضية التقسيم، أصبح الأمر واضحًا من حيث المآلات لديها.
بات جليًا أن نزعة الانفصال ورفض السلام ووقف الحرب هي أيديولوجيا سياسة نظام بورتسودان تجاه هذه القضايا، وهذا أصبح مثار قلق، حيث يجمع في ثناياه وجود الجماعات الإرهابية ببورتسودان وتشكيل بؤرة للنفوذ الذي يمدها بالاستمرار ويقوض سلام المنطقة عامة، وحوض البحر الأحمر على وجه الخصوص.
التحركات القادمة تشير بوضوح إلى أن النظام الجديد في السودان يمثل مستقبله دستور التأسيس الجديد، وكلما اتضحت هذه الصورة دعمتها المحاور الإقليمية واتجه النظام إلى دعم النظام العالمي، وما موعد الرباعية الأميركية ببعيد، وما سوف تعلن عنه سيادة المواقف أصبح هو الواقع الجديد.