
(….) هذا هو مأزق السياسات المالية والنقدية في السودان
(….) في هذه الحالة سيوقف صندوق النقد الدولي ومؤسسات التمويل العالمية التعامل
تصدير الصمغ العربي كخام يفقدنا ١٤ ألف دولار في الطن
الكثيرون يعلقون آمالهم على (التأسيس) الجديد للخروج من بؤر الفقر
الصمغ العربي .. مورد استراتيجي لا بديل له
في هذه المساحة نسلط الضو على بعض أوجه الاختلالات الاقتصادية والمالية في البلاد بسبب تداعيات حرب ١٥ أبريل في قراءات مع الخبير الاقتصادي المعروف د. حافظ الزين الأستاذ بعدد من الجامعات السودانية والخارجية.
(الاشاوس) وضعت الشواغل المعيشية وقضية تدهور سعر صرف الجنينة السوداني وازمة السيولة والكتلة النقدية ، وسبل تلافي مشكلة التحويل المصرفية والتجارة الخارجية وغير من قضايا الراهن الاقتصادي أمام طاولة الخبير د. حافظ فكانت الافادات التالية :
لا يمكن أن تستمر الصناعة العالمية بدون الصمغ العربي، ولا يوجد بديل له. بحكمة الله يدخل في الصناعات الكيماوية والأدوية بشكل رئيسي، وكذلك الإطارات، الزجاج الملون، وحتى رمال السيلكة التي تُستخدم مع الصمغ في صناعة الزجاج. هذه المادة متوفرة في مناطق مثل الحقنة بنهر النيل وحتى بارا، لكن في وقت سابق قام النظام السابق ببيعها لدول مثل باكستان.
نزيف التصدير الخام:
يفقدنا ٩ مليارات دولار سنويًا
عندما يُصدر الصمغ العربي خامًا نخسر ١٤ ألف دولار في الطن، إذ أن سعره في ميناء دوالا أو ممبسا يصل إلى ٤٧٠٠ دولار للخام، بينما يبلغ ٥٣٠٠ دولار إذا كان مصنعًا. بين عامي ٢٠١٠ – ٢٠٢٠، بلغت الخسارة السنوية من تصدير الصمغ خامًا (٧ – ٩) مليارات دولار، أي ما يعادل ٨٠% من الميزانية العامة للدولة.
إدارة الاقتصاد تحتاج إلى مدى زمني يمتد من ٩٠ حتى ٣٦٠ يومًا، وأي محاولة للتصنيع السريع تفشل. وزير المالية مسؤول عن إعداد السياسات المالية، بينما السياسة التجارية والنقدية مسؤولية بنك السودان المركزي. هذه ليست مسائل يمكن معالجتها بالجودية، فهي خطيرة، خصوصًا السياسة النقدية المتعلقة بتصنيع الأموال، حمايتها، وتحديد سعر الصرف.
شبح الإفلاس وغياب الاحتياطيات.
السؤال المحوري: من يحدد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية؟ هل يتم التعويم الحر أم نظام آخر؟ السودان يفتقر للقوى الذاتية، والاحتياطي النقدي هو الفيصل. إذا كان الاحتياطي ٥ مليارات دولار فقط، فأنت على حدود الإفلاس، وأي نقص يُدخلك في الخطر. عندها يوقف صندوق النقد الدولي وكل مؤسسات التمويل العالمية التعامل معك.
موارد اقتصادية بلا موارد مالية
في السابق امتلك السودان ثروة حيوانية، معادن، وزراعة، لكنها لم تتحول إلى موارد مالية حقيقية إلا عبر الصادرات، وهنا تظهر أهمية السياسة التجارية. هناك فرق بين الموارد الاقتصادية والمالية العامة، والتأسيس لاقتصاد جديد يختلف عن الإصلاح التقليدي. العودة للماضي مستحيلة، ما يعني أن السودان بحاجة لتأسيس اقتصاد جديد وفق نموذج محدد.
نحو نموذج اقتصادي جديد متنوع الخيارات
صندوق النقد الدولي يترقب كيف تُدار التجربة السودانية، وهل تُطبق النماذج المتفق عليها عالميًا. هناك ما يُسمى “المربع الاقتصادي المتحرك”، وأحد أركانه اقتصاديات التعاون (النفير). التنوع في السودان يفرض خيارات متعددة: نظام إسلامي، ربوي، أو علماني، وكل مواطن يختار ما يناسبه. في ٢٠١٨ – ٢٠٢٠ ساهم السودان في صياغة هذا النموذج بالمغرب، وهو الآن مُعتمد من البنك المركزي ووزارة المالية.
موازنة ٢٠٢٥… تحديات ما بعد الحرب
من المتوقع أن تصل الموازنة العامة لسنة ٢٠٢٥ إلى ما بين ٣٠ – ٤٠ مليار دولار، مقارنة بـ ١٤.٥ مليار قبل الحرب. الحرب ضاعفت التحديات، ولا يمكن للدعم السريع تغطية فاتورة الحرب والدولة معًا. الاقتصاديون يبنون توقعاتهم على أسوأ الاحتمالات، ما يعني صعوبة تغطية العجز لغياب البنوك وضعف مصادر التمويل.
الفقر والتطلع لاقتصاد جديد
الحرب رفعت نسبة الفقر إلى ٨٠% وأفقدت الناس أحلامهم. ومع ذلك، يعلق كثيرون آمالهم على التأسيس الجديد للخروج من بؤر الفقر. ولأول مرة في السودان، يتولى منصب رئيس الوزراء شخص يجمع بين الاقتصاد والسياسة، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم، في تخصص الاقتصاد السياسي الذي يُعد من أخطر فروع الاقتصاد عالميًا.