أوراق الأيام
ما يجري في الخرطوم من فوضى واهتزاز وتفرقة بين الأسود والأبيض، وبين أبناء جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق وكردفان ودارفور؛ يتم اعتبارهم ليسوا بشرًا أو يُعاملون كالحيوانات الأليفة. أبناء الشمال ليسوا كلهم كذلك، لكن البعض الذي يتبع إلى الحركة الإسلامية وأبناء كرتي ينظرون إلى البقية كعبيد تُستخدمهم عند الحاجة فقط — كما تُستخدم الحركات المسلحة الآن.
لا نذهب بعيدًا عن الموقف الحرج في ترحيل ١١٦ جنوبيّة من الخرطوم وبحري وأم درمان إلى الجنوب بدون أبنائهنّ وعفشهنّ عبر الكذب والخداع بمبرر «احصاء الأجانب/بطاقة الحصر»، إلى أن وجدوا أنفسهم في «أم بدة» ثم إلى تقاطع الرنك، بلا فلذات أكبادهم، وكل ما يملكونه تركوه في الخرطوم. حالة مأساوية جداً من ناس لا يحترمون قانون حقوق الإنسان والحريات ولا يحترمون قانون حقوق الطفل. من أي كوكب أنتم؟ ليس لكم رحمة، ليس لكم أبناء؛ على الأقل احترموا الجيران. إذا تعاملت دولة جنوب السودان بردة فعل مماثلة مع الشماليين الموجودين هناك بنفس الطريقة، هل سيعجبكم ذلك؟
على أي حال، باركوا لحاكم إقليم مقاطعة الرنك على الرسالة القوية التي قدّمها للإرهابيين والدواعش: جنوب السودان واسعة وتستقبل كل الجنوبيين، لكن بشرط أن يكون معهم أبناؤهم وعفشهم. كما أخذت على عاتقها حجز البصات وإرجاع النساء إلى الخرطوم وأم درمان وبحري على نفقة حكومة بورتسودان ذهابًا وإيابًا، مع تعهّد بتقديم العون إذا حدث أي طارئ للنساء أو الأطفال. فاحذروا من أن تظلوا على هذا النحو.
أم المندوب أصبح في حالة من الاستكانة، يقول: «أنا والله العظيم مكلف فقط بوصلهم وأرجع»، بينما أنتم تقولون إنهم مشتركون أو ماذا؟ جنوب السودان لا تُهان هكذا. اقطعوا الزلط، جهّزوا عربات، وأعيدوا النساء إلى أطفالهنّ.
حاكم المقاطعة حجز البصات وكتب لكم تعهّدًا — فماذا لو فعل سلفاكير بكم؟ هل ستواجهون نارًا؟ افهموها كما تريدون؛ المصيبة قد تحدث من جديد. قولوا إن قانون «الوجوه الغريبة» هذا لتبتلوا وتشربوا مويتكم.
وأما بالنسبة للبصات، فقد أعادهم جنوب السودان ثانية. أيّ واحد يتصرف كالغاضب عليه أن يتبرّع بحقه لجيش الفلول والأخوان؛ الشتاء سيكون ساخنًا عليكم من فوق سارص وتحت أشاوس وفي الأطراف جنوب السودان.



