
جدالحسنين حمدون
هنالك أمثلة في التاريخ الإسلامي حيث أدت محاولات سريعة لجمع الغنائم إلى فشل المعارك، مما يؤكد أن التشتت في جمع الغنائم قبل تأمين النصر يمثل خطراً على المسيرة العسكرية.
بدأت بوادر الفشل والهزائم في تاريخ المسلمين بسبب الغنيمة، فقد انهزم المسلمون في معركة أحد التى كان يقودها الرسول عليه الصلاة والسلام عندما خالف الرماة أمره بسبب الخوف من أن يضيع نصيبهم في الغنيمة في معركة “أحد”، فكانت الهزيمة بسبب الغنائم.
كانت ثانى الهزائم على حدود فرنسا سنة 114هجرية، حيث تحركت جيوش المسلمين صوب فرنسا بقيادة والى الأندلس عبدالرحمن الغافقى، والتقى مع جيش الفرنجة فى معركة (تور بواتييه أو بلاط الشهداء) كما تسميها المصادر الإسلامية لكثرة ماسقط فيها من شهداء المسلمين أمام جيش الفرنجة بقيادة المطرقة شارل مارتل، الغريب أن النصر فى بداية المعركة كان حليفاً للمسلمين، إلا أن انشغال الجيش بجمع الغنائم سمح لقادة جيش الفرنجة بإعادة ترتيب الأوراق وشن هجمة شرسة على جيش المسلمين. فاختل نظام الجيش وكانت الهزيمة بسبب الحرص على الغنيمة. و بذلك توقف المد الإسلامي نحو أوربا
هزيمة أخرى أكثر فداحة والتى تعرض لها الجيش العثمانى على أسوار فيينا عاصمة النمسا الحالية فى (20 رمضان 1094هـجرية)، ورغم قوة الجيش العثمانى فى العدد والعتاد، إلا أن الخيانة والتواطؤ كانا سببا رئيسيا فى هزيمة الجيش القوى، حيث كان لفيينا جسر واحد يمكن عن طريقه إيصال المساعدات والإمدادات الحربية، وهو جسر الدونة ولأهمية هذا الجسر الاستراتيجية، كلف قائد الجيش العثمانى حاكم القرم مراد كيراى بحراسة الجسر وهدمه إذا لزم الأمر حتى لا تتمكن القوات الأوروبية من عبوره وفك الحصار عن المدينة.
غير أن مراد كيرى سمح للجيوش الأوروبية بعبور الجسر دون مقاومة وهو ما أربك الجيش العثمانى، ومما صعب الأمر أيضا انسحاب فرق كاملة من الجيش العثمانى قبل بدء المعركة بسبب خلافات مع قائد الجيش، وكانت النتيجة الحتمية التعرض لهزيمة مذلة على أسوار فيينا فى موقعة (ألمان داغي)، وكانت هذه الهزيمة نقطة تحول فى تاريخ الدولة العثمانية حيث توقفت سياسة الدولة العثمانية التوسعية فى أوروبا، وتحركت بعد ذلك الجيوش المسيحية فى اتجاه غزو الأملاك العثمانية واقتطاع أجزاء مهمة منها.
هذه الأحدث توضح أهمية الالتزام بالتعليمات وعدم التهاون في تحقيق النصر النهائي، وأن جمع الغنائم يجب أن يكون بعد تأمين النصر وليس قبل تأمين النصى.
إنتباهة أولى:
إن درس التاريخ يفيدنا أن المسلمين لم ينهزموا بسبب ضخامة التحديات الخارجية، ولكن بسبب الصراع على الغنيمة…
إنتباهة أخيرة:
معركة أم صميمة كبد الأشاوس العدو خسارة فادحة في الأرواح، والعدة والعتاد… لولا الهفوة التي أرتكبها الاشاوس، وإنشغالهم بجمع غنائم العدو وترك ظهرهم مكشوف ليدخل مرتزقة الحركات المعركة من جديد، لكانت آخر معركة بتخوم الأبيض وفاتحة الدخول الى عاصمة ولاية شمال كردفان.