
هل تعمل العلمانية علي معاداة الاديان السماوية وغير السماوية وتنادي بفصلها عن الحياة والمجتمع والسياسة والدولة؟
د.حافظ الزين
رئيس دائرة الثقافة والفكر بالمجلس الاستشاري للقائد العام لقوات الدعم السريع.
ماهي العلمانية ؟ هل هي دين ام فلسفة ام دولة ام نظام حكم؟
وهل تعمل العلمانية علي معاداة الاديان السماوية وغير السماوية وتنادي بفصلها عن الحياة والمجتمع والسياسة والدولة ؟
يؤيد المجلس الاستشاري للقائد العام لقوات الدعم السريع مبدأ نظام الحكم العلماني الديمقراطي الذي وقعت عليه قوات الدعم السريع والذي جاء في محتويات وحيثيات الميثاق السياسي والاعلان الدستوري المؤقت لتحالف السودان التاسيسي نيروبي 2025.
إن إجابة المجلس الاستشاري للقائد العام لقوات الدعم السريع كانت ومازالت وستبقي علي الأسئلة التي تم طرحها باعلاه علي النحو الآتي:
1- العلمانية هي فلسفة اجتماعية قامت علي مبدأ عدم استخدام الاديان السماوية وغير السماوية كسنارة وكغطاء وكسلم للوصول إلي الثروة والسلطة ثم صعدت مع مرور الزمن لتصبح فلسفة سياسية ثم تغلغلت لتصبح شمس اجتاحت اشعتها العالم باسره.
2 – يجب أن تقوم نظرية العلمانية المراد تطبيقها كنظام حكم للدولة المدنية الدستورية الحديثة ذات الاسس الجديدة في السودان في قادم المواعيد علي ستة فرضيات أساسية بحسب وجهة نظر المجلس الاستشاري للقائد العام لقوات الدعم السريع تلك الفرضيات هي:
الفرضية الأولي : عدم استخدام الاديان كيفما كانت طبيعة هذه الاديان وتنوع جذورها ومنشئها سواء كانت أديان سماوية اوغير سماوية كمعول لتخويف الناس والسيطرة عليهم وتصييرهم رهائن باسم الدين وسلطة الله المطلقة التي اوجدت هذا الكون وصممت نواميسه ومنظوماته المعقدة والمدهشة.
لأن غاية الاديان بصفة العموم كانت وستبقى : تعريف الناس بأنفسهم وكيف جاءت هذه الانفس لهذه الحياة ليصبحوا قادرين علي معرفة القوة التي اوجدتهم وهي الله جل جلاله.
ثم هم أحرار حرية كاملة للاعتراف بالله والاذعان له وعبادته وتقديسه او لا يعترفون به
(كل نفس بما كسبت رهينة)
وان الله جل جلاله هو وحده من يملك حق محاسبتهم ولا احد غيره يملك هذا الحق المقدس.
الفرضية الثانية : الابتعاد بقداسة الأديان بعيدا جدآ عن بؤر النتانة والاسفاف والتعليل المختل الذي لا يليق بها ويفرغها من قداستها عندما تصبح رهينة لسلوك البشر.
الفرضية الثالثة : إن قيمة أي امة واي دولة تكمن في الأخلاق.
ولا قيمة لاي امة او أي دولة بلا أخلاق.
وان جميع الأديان هي المصدر النقي غير المزيف لمنظومة الأخلاق
ولذلك لايمكن فصل الاخلاق عن الدولة لان الاخلاق هي الأساس والقيمة الجوهرية للدولة كيفما كان شكلها ونظام حكمها.
الفرضية الرابعة : عدم استخدام الاديان كوسيلة للوصول إلى السلطة السياسية والثروة والحظوة والجاه ثم مصادرة حقوق الأمة والدولة معا باسم هذه الاديان وفرضها بالقوة الجبرية علي الناس.
لان روح الاديان كلها لم تقم علي هذا المايكنزم مطلقا وانما قامت علي المفهوم الحر للاختيار العقائدي الذي اشتملت عليه معاني الاية الكريمة (لكم دينكم ولي دين).
الفرضية الخامسة : يتوجب علي الفرد اينما كان وكيفما كان عدم الجمع بين سلطتين (السلطة الدينية والسلطة السياسية) حتي لا يصبح شخص مقدس ويصبح من المستحيل من بعد ذلك تصويبه أو تقويمه او انتقاده او تغييره.
لأنه يعتقد في اعماقه إنه يمثل الله وينوب عنه بشكل احادي وبذلك تجده يتبني نظرية فرعون في إدارة شؤون الحكم والناس تلك النظرية القائمة علي مبدأ : ما اريكم الا ما اري وما اهديكم إلا سبيل الرشاد ومن ثم يعمل علي إجبار الاخرين ان يكونوا صورة طبق الأصل له لايحق لهم محاسبته او تغييره بالاستناد إلي حاكمية القداسة التي اكتسبها من السلطة الدينية المطلقة.
إن الجمع بين السلطة الدينية والسلطة السياسية لا يجوز إلا للانبياء وقد ولي عهد الأنبياء ولي ولن يعود.
الفرضية السادسة : إن العلمانية لم تدعو يوما لا للكفر ولا للالحاد بل قامت العلمانية ونشات علي منظومة القيم والمباديء التي جاءت في جميع الاديان السماوية وغير السماوية مثل قيم الحرية والمساواة والعدالة والعدل والصدق والامانة والوفاء بالعهد والاخلاق ومجابهة الطغيان والكرامة الانسانية.
ووفقا لذلك فإن العلمانية تلتقي مع جميع الأديان في مصفوفة القيم والمباديء التقاء شامل وكامل وهي بذلك لا تعني فصل الدين عن الدولة ولا معاداة الاديان السماوية وغير السماوية.
3 – العلمانية ليست دين ولا دولة بل هي نظام للحكم.
لا يوجد شيء اسمه دولة علمانية.
يوجد شيء اسمه دولة دستورية مدنية ونظام حكمها علماني او غير علماني.
إن العلمانية ليست صفة من صفات الدولة ولا عنصر من عناصر شكلها ولا مصفوفة من مصفوفات تكوينها.
ولن تكون كذلك بصفة نهائية وحاسمة.
4 – لا تعمل العلمانية علي معاداة الاديان ولا المناداة بفصلها لا عن الدولة ولا المجتمع ولا السياسة.
لم تظهر العلمانية ومن ثم جاءت لتحقيق هذه الأهداف وهذه الغايات مطلقا.
ذلك بسبب ان الدين أي دين سواء كان دين سماوي او غير سماوي لا يمكن فصله وبشكل حاسم لا عن الدولة ولا المجتمع ولا السياسة
لماذا؟
لان الاديان تعتبر حق طبيعي لأي انسان وان الدولة هي الكيان فوق الدستوري المستقل والضامن لحقوق الافراد والشعب باجمعه وليست الحكومة.
فكيف يمكن فصل الحق عمن يعطيه ويضمن استمراره وهو الدولة ؟
يا ايها الناس مالكم كيف تحكمون اليس فيكم رجل رشيد؟
إذا اردت ان تفهم استحالة فصل الدين عن الدولة يتوجب عليك ان تفهم مالمقصود بالدولة من ناحية؟ وما المقصود بالدين وما منظومته التي قام عليها من ناحية أخرى؟
فعلي سبيل المثال فإن الدين الإسلامي علي وجه التحديد هو علم الله المطلق.
وتتكون منظومته الكلية من العناصر التالية:
ا – الثابت : العقيدة والعبادات والحدود.
لا يمكن فصل الدين كتشخيص ثابت من هيكل الدولة لأنه يمثل حق لكل او معظم شعوب الدولة – السودان – انموذجا 97% مسلمين.
وبالاستناد إلي ذلك وبالمعيار الديمقراطي المطلق (معيار الاغلبية) لا يمكن فصل الدين عن الدولة في السودان.
ب – المتغير : التشريع والمعاملات – الاقتصادية والتجارية والنقدية والمالية والاجتماعية – رفض التعامل بسعر الفائدة كثمن لتكلفة الحصول علي الاموال مثلآ هو حق اصيل من حقوق السودانيين وبالتالي الحق لايمكن فصله عن الدولة.
وينطبق هذا الامر علي مصادر التشريع الاسلامي أيضا.
ج – الاخلاق : القيم والمباديء والآداب العامة.
إن الأخلاق هي جوهر اي دين وهي كذلك جوهر اي دولة ولهذا السبب لا يمكن فصل الدين عن الدولة.
د – الحقوق : الطبيعية من ناحية والحقوق المدنية المتساوية من ناحية أخرى.
هذه الحقوق لا يمكن فصلها عن الدولة
وقد جاءت جميع الأديان السماوية المقدسة تحديدا بكافة حقوق الانسان في مقدمة ذلك الحق في الحرية باعتبارها منحة الهية خالصة
ثم من بعد ذلك قام الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الاول والثاني الصادران عن هيئة الامم المتحدة في السياق ذاته.
وبما أن الامر كذلك فإنه لايمكن فصل الدين عن الدولة وبشكل حاسم.
هذه هي المنظومة التي يتكون منها الدين الإسلامي علي وجه التحديد ووفقا لهذا التشخيص فإنه لا يمكن فصل هذه المنظومة عن الدولة مطلقا في السودان بصفة الخصوص.
و الا تصبح هذه الدولة دولة غير دستورية (دولة سلطة الأمر الواقع) التي تموضعت وسادت في السودان منذ الاستقلال وحتي لحظة كتابة هذه السطور.
5 – ما نوع العلمانية التي ينادي بتاسيسها في السودان المجلس الاستشاري للقائد العام لقوات الدعم السريع؟
هي العلمانية الثقافية المستقلة التي لا تعادي الاديان ولا تفصلها عن الدولة ولا المجتمع ولا السياسة.
هي العلمانية الثقافية التي تتماشي وتتسق مع التشكيل والتكوين الثقافي والفكري والديني والارث التاريخي والروحي للشعوب السودانية مجتمعة بما يعادل 97% من تعداد سكان السودان 50 مليون نسمة لسنة 2025 باحصائية صندوق ومفوضية السكان التابعة للامم المتحدة.
هي العلمانية غير الليبرالية التي تري وتؤمن بان الحرية يجب الا تكون حرة Freedom Is Not Free
6 – لماذا وقعت مؤسسة الدعم السريع ممثلة في هيكلها العسكري؟ علي مبدأ نظام الحكم العلماني الديمقراطي الذي جاء في الميثاق السياسي والاعلان الدستوري المؤقت لتحالف السودان التاسيسي نيروبي 2025 ؟
الاجابة هي : وقعت قوات الدعم السريع علي نظام الحكم العلماني الديمقراطي في الدولة المدنية الدستورية الحديثة الجمهورية الاولي في السودان المنتظر تاسيسها وبناءها في السودان لاحقا تطبيقا لقيمة ومبدا العدل.
ان العدل يعني إعطاء كل زي حق حقه.
أليس كذلك؟
وبالاستناد إلي قيمة ومبدا العدل يجب أن يصاحب تطبيق نظام الحكم العلماني الديمقراطي في السودان تطبيق الفيدرالية ثنائية التراكيب (فيدرالية الهوية والفيدرالية غير التماثلية) وعليه فإن من حق شركاء تاسيس يأتي في مقدمتهم الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة المناضل الكبير الأستاذ عبدالعزيز ادم الحلو
تطبيق نظام الحكم العلماني الديمقراطي الليبرالي أو غير الليبرالي في اقليم جبال النوبة.
يشمل هذا النوع من التطبيق لنظام الحكم العلماني الديمقراطي الليبرالي اقليم الفونج الجديد
اما في باقي الأقاليم فإنها تملك الحق الكامل فإذا ارادت ان تطبق نظام الحكم العلماني الديمقراطي الليبرالي فهي حرة في ذلك وإذا لم تريد تطبيق ذلك فليس من حق اي احد كائن من كان اجبارها علي ذلك وإذا فعل فإن قيمة ومبدا العدل في هذه الحالة سوف تغادر هذه الأرض وتحلق في الآفاق المستحيلة
وسوف ينطبق على الدولة المدنية الدستورية الحديثة المنتظر تاسيسها في السودان المثل الشعبي: سماح النبق في الطبق.
وستطير طيور هذه الدولة الكذوب بارزاقها ولن تعود لتحط في أغصان وفروع الأماني العسجدية في غابات هذا الوطن الحزين وكأنه سيدنا يعقوب عليه السلام.
مدخل للخروج : وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون